للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى - في وصف أبي بكر لزيد بن ثابت رضي الله عنهما: " ذكر له أربع صفات مقتضية خصوصيته بذلك: كونه شابا فيكون أنشط لما طلب منه، وكونه عاقلا فيكون أوعى له، وكونه لا يتهم فتركن النفس إليه، وكونه كان يكتب الوحي فيكون أكثر ممارسة له. وهذه الصفات التي اجتمعت له قد تكون في غيره، لكن مفرقة " (١).

فينبغي للداعية أن يكون عاقلا، نشيطا، أمينا، مجربا عارفا بالأمور على وجهها. والله المستعان.

رابعا: حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على العناية بالقرآن الكريم: لا شك أن الله - عز وجل - قد تكفل بحفظ القرآن الكريم، بقوله تعالى (: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] (٢) وقال عز وجل: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤٢] (٣) ومن حفظ الله له - سبحانه وتعالى - أن قيَّض له من يعتني به. وقد دل هذا الحديث على عناية الصحابة - رضي الله عنهم - بالقرآن الكريم، والقرآن الكريم كان مجموعا كله في صدور الرجال أيام حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد روى البخاري - رحمه الله تعالى - عن أنس - رضي الله عنه - قال: " جمع القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة كلهم من الأنصار: أبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد " (٤). وقد كان لهؤلاء شركاء من الصحابة رضي الله عنهم يحفظونه كله، ولكن هؤلاء أشد اشتهارا به، وأكثر تجريدا للعناية بقراءته، ثم جمِعَ القرآن الكريم في المصحف بإتقان من أبي بكر وعمر وهما من الخلفاء الراشدين المأمور بالاقتداء بهم، ووافقهما عثمان، وزيد بن ثابت كاتب الوحي، ثم اتفق الملأ من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين على أن ما بين الدفتين قرآن منزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يختلفوا في شيء منه (٥).


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٩/ ١٣، وانظر: ٣/ ١٨٤.
(٢) سورة الحجر، الآية: (٩).
(٣) سورة فصلت، الآية: (٤٢).
(٤) البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب القراء من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ٦/ ١٢٥، برقم ٥٠٠٣.
(٥) انظر: أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، للإمام حَمد بن محمد الخطابي، ٣/ ١٨٥٢ - ١٨٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>