للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنانها ويكبحها بلجامها عن النزع والبطش بغير حق (١) قال - صلى الله عليه وسلم -: «ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» (٢) قال العلامة العيني رحمه الله تعالى: " قال حكماء الإِسلام، للإنسان ثلاث قوى: العقلية، والغضبية، والشهوية: وكمال القوة الغضبية الشجاعة، وكمال القوة الشهوية الجود، وكمال القوه العقلية الحكمة " (٣).

فالداعية بحاجة إلى الاتصاف والتخلّق بخلق الشجاعة؛ لأنها تضبط نفسه عن الخوف عند مثيراته في النفس حتى لا يجبن الداعية في المواضع التي تحسن فيهما الشجاعة وتكون خيرا، ويقبح فيها الجبن ويكون شرّا (٤) ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله عن أفضل الجهاد: «كلمة حق عند سلطان جائر» (٥).

وحقيقة شجاعة الداعية: هي الصبر والثبات والإِقدام على الأمور النافعة، وتكون شجاعة الداعية في الأقوال والأفعال، ولا بد أن تكون شجاعته موافقة للحكمة، وأعظم ما يمد ويقوي شجاعة الداعية: الإِيمان العميق، وقوة التوكل على الله، تعالى، وكمال الثقة به سبحانه، ومعرفته لأحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - ومواقفه في الشجاعة القلبية والعقلية (٦).

والداعية يحتاج إلى أن يَتَمَرَّن على الإِقدام والتكلم بما في النفس، وإلقاء المقالات والخطب في المحافل بقصد نصر الحق وقمع الباطل، فمن مرن نفسه على ذلك لم يزل به الأمر حتى يكون ملكة له، وتزول هيبة الخلق من قلبه، فلا يبالي ألقى الخطب والمقالات في المحافل الصغار أو الكبار على العظماء أو غيرهم، وكذلك يمرِّن نفسه على لقاء الأعداء في ميادين القتال


(١) انظر: مدارج السالكين لابن القيم ٢/ ٣٠٨.
(٢) متفق عليه: البخاري، ٧/ ١٢٩، برقم ٦١١٤، ومسلم، ٤/ ٢٠١٤ برقم ٢٦٠٨، وتقدم تخريجه في الدرس الأول من هذا الحديث، ص ٢٤٧.
(٣) عمدة القاري شرح صحيح البخاري ١٤/ ١١٧.
(٤) انظر: الأخلاق الإسلامية لعبد الرحمن بن حسن حبنكة الميداني ٢/ ٣٠٦، ٣١٩.
(٥) أحمد ٥/ ٢٥١، ٢٥٦، وابن ماجه في كتاب الفتن ٢/ ١٣٢٩، برقم ٤٠١١، وصححه الألباني، في صحيح ابن ماجه ٢/ ٣٦٩.
(٦) انظر: الشجاعة العقلية والقلبية في فتح الباري لابن حجر، ٥/ ٣٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>