للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الله عز وجل والاستعاذة به من هذه الخصال كلها، ولا سيما الاستعاذة من العجز والكسل؛ لأن العجز: ترك العمل مع عدم القدرة على عمله، والكسل: ترك العمل مع القدرة على عمله؛ لعدم انبعاث النفس للخير، وقلة الرغبة فيه مع إمكانه (١).

ويستعيذ الداعية من البخل والجبن؛ لأن الجود: إما بالنفس: وهو الشجاعة، ويقابله الجبن، وإما بالمال وهو السخاوة ويقابله البخل، ولا تجتمع الشجاعة والسخاوة إلا في نفس كاملة، ولا ينعدمان إلا لمتناهٍ في النقص (٢) وقد قرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين: الاستعاذة من الجبن والبخل؛ لأن الإِحسان المتوقع من العبد: إما بماله، وإما ببدنه، فالبخيل مانع لنفع ماله، والجبان مانع لنفع بدنه (٣).

ويلتجئ الداعية إلى الله، ويستعيذ به من فتنة الدنيا؛ لأن من أصيب بذلك باع آخرته بما يتعجله في الدنيا من حال ومال (٤) وفتنة المحيا: ما يتعرض له الإِنسان مدة حياته، من الافتتان بالدنيا، والشهوات والجهالات، وأعظمها - والعياذ بالله - سوء الخاتمة عند الموت، وفتنة الدنيا أطلقت على فتنة الدجال؛ لأن فتنته أعظم الفتن في الدنيا، وفتنة الدجال داخلة تحت فتنة المحيا (٥) ويستعيذ بالله من فتنة الممات. قال ابن دقيق العيد رحمه الله: " وفتنة الممات " يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت، أضيفت إلى الموت لقربها منه، وتكون فتنة المحيا - على هذا - ما يقع قبل ذلك في مدة حياة الإنسان، وتصرفه في الدنيا، ويجوز أن يكون المراد بفتنة الممات: فتنة القبر. . . ولا يكون على هذا متكررا مع قوله: " من عذاب القبر "؛ لأن العذاب مرتب على الفتنة. . . " (٦).


(١) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٦/ ٣٦، وعمدة القاري للعيني، ١٩/ ١٨.
(٢) انظر: مرقاة المفاتيح، لملا علي القاري، ٣/ ٤٢.
(٣) انظر: طريق الهجرتين وباب السعادتين، لابن القيم ص ٤٦٠.
(٤) انظر: عمدة القاري، للعيني ١٤/ ١١٩.
(٥) انظر: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، لابن دقيق العيد، ١/ ٣١١، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر، ٢/ ٣١٩، وعمدة القاري للعيني، ٢٣/ ٧.
(٦) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، ١/ ٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>