للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستعاذة من فتنة المحيا والممات: كلمة جامعة لمعانٍ كثيرة (١).

ويستعيذ بالله من أرذل العمر؛ لأن الإنسان إذا هرم وضعف: سخف عقله، وعجز عن الفرائض وخدمة نفسه، فيكون كلاّ على أهله ثقيلا بينهم، يتمنون موته؛ فإن لم يكن له أهل فالمصيبة أعظم (٢).

فدل ذلك كله على أهمية الاستعاذة والالتجاء إلى الله عز وجل. وسؤاله العفو والعافية، وهذا من أعظم صفات الداعية إلى الله سبحانه وتعالى. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وينبغي أن يرغب إلى ربه في رفع ما نزل، ودفع ما لم ينزل، ويستشعر الافتقار إلى ربه في جميع ذلك " (٣).

سابعا: من وسائل الدعوة: القدوة الحسنة: القدوة الحسنة من أهم وسائل الدعوة إلى الله عز وجل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعاذ من الجبن والبخل؛ لما فيهما من التقصير عن أداء الواجبات، والقيام بحقوق الله تعالى، وإزالة المنكر، والإِغلاظ على العصاة؛ ولأنه بشجاعة النفس وقوتها المعتدلة تتم العبادات، ويقوم بنصر المظلوم، والجهاد، وبالسلامة من البخل يقوم بحقوق المال، وينبعث للإِنفاق، والجود، ولمكارم الأخلاق، ويمتنع من الطمع فيما ليس له (٤).

قال الإمام النووي رحمه الله: " قال العلماء: واستعاذته من هذه الأشياء؛ لتكمل صفاته في كل أحواله وَشَرَعَه أيضا تعليما " (٥) وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وكان - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ من جميع ما ذكر دفعا عن أمته، وتشريعا لهم، ليبيِّن لهم صفة المهم من الأدعية " (٦).


(١) انظر: فتح الباري، لابن حجر، ١١/ ١٧٦.
(٢) انظر: عمدة القاري، للعيني ١٤/ ١١٩.
(٣) فتح الباري، ١١/ ١٧٦.
(٤) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم ١٧/ ٣٤.
(٥) المرجع السابق ١٧/ ٣٤.
(٦) فقح الباري ١١/ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>