للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: من موضوعات الدعوة: الحث على التوبة النصوح: دل الحديث على أن الحث على التوبة من أهم موضوعات الدعوة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: ". . . «ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد» وهذا فيه بيان للناس أن الإِسلام يهدم ما كان قبله، وأن التوبة تهدم ما كان قبلها، فينبغي للداعية إلى الله عز وجل أن يحث المدعوين على التوبة، ويبين لهم أن الله أمر بها، قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: ٨] (١) وقال سبحانه وتعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: ٣١] (٢) وقال - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن العاص: " أما علمت أن الإِسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله " (٣) وكذلك التوبة تهدم ما كان قبلها إذا كملت شروطها: من الندم، والإِقلاع عن الذنب، والعزيمة على عدم العودة ورد المظالم؛ فإن: " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " (٤).

ثالثا: من صفات الداعية: عدم اليأس من رحمة عز وجل: لا شك أن الله يقبل توبة التائبين، وأن الكافر إذا تاب من كفره قبل الله توبته، ولو كان قد قتل أحدا من المسلمين؛ لأن الشرك أعظم الذنوب، وقد هدمه الإِسلام، فما دون الشرك أولى بالهدم بالإِسلام والتوبة؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: " ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد ".

فينبغي للتائب عدم اليأس فِي رَوْحِ الله وعدم القنوط من رحمة الله، قال الله عز وجل {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: ٨٧] (٥) وقال عز وجل {قلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفوا عَلَى أَنْفسِهِمْ لا تَقْنَطوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣] (٦).


(١) سورة التحريم، الآية: (٨).
(٢) سورة النور، الآية (٣١).
(٣) مسلم، كتاب الإيمان، باب كون الِإسلام يهدم، ما كان قبله وكذا الحج والهجرة، ١/ ١١٢، برقم ١٢١.
(٤) سنن ابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، ٢/ ١٤٢٠، برقم ٢٤٥٠، من حديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه رضي الله عنه، والطبراني في الكبير ١٠/ ١٥٠ برقم ١٠٢٨١، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة، برقم ٦١٥، ٦١٦، وفي صحيح سنن ابن ماجه، ٢/ ٤١٨. وانظر: المقاصد الحسنة للسخاوي ص ٥٢.
(٥) سورة يوسف، الآية: (٨٧).
(٦) سورة الزمر، الآية: (٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>