للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله صلى الله عليه وسلم أفضل البشر، وهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم أفضل الناس بعد الأنبياء: يصيبهم ما أصابهم من الجوع، والمشقة، والخوف أثناء حفر الخندق، فصبروا على ذلك ابتغاء وجه الله عز وجل (١).

وسمعت سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله يقول: " وهذه من مناقب الصحابة وصبرهم على الجهاد، وهذا من ابتلاء الله لأوليائه " (٢) وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عصب بطنه بحجر من الجوع أثناء حفر الخندق، وبقي هو ومن معه في الحفر ثلاثة أيام لا يذوقون طعاما (٣).

فينبغي للداعية إلى الله عز وجل أن يسأل الله العافية، وإذا أصابه ابتلاء واختبار صبر، واحتسب الثواب من الله عز وجل.

خامسا: من صفات الداعية: الزهد: دل الحديثان على زهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الدنيا، وإيثارهم ما عند الله عز وجل على ملذاتها؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة» فالعيش الباقي والدائم المعتبر والمستمر والمطلوب، هو عيش الآخرة، وأما عيش الدنيا فإنه متاع زائل (٤).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفي هذين الحديثين إشارة إلى تحقير عيش الدنيا لما يعرض له من التكدير وسرعة الفناء " (٥).

وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين حفظه الله: " العيشة الهنيئة الراضية هي عيش الآخرة، وأما الدنيا فإنها مهما طاب عيشها فمآلها إلى الفناء، وإذا لم يصحبها عمل صالح فإنها خسارة " (٦).


(١) انظر: الحديث رقم ٩، الدرس الثامن، ورقم ١٦، الدرس الخامس.
(٢) سمعت ذلك من سماحته أثناء شرحه لهذين الحديثين: رقم ٢٨٣٤، ٢٨٣٦، من صحيح البخاري.
(٣) انظر: البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب، ٥/ ٥٥، برقم ٤١٠١ عن جابر رضي الله عنه.
(٤) انظر: شرح صحيح مسلم للنووي ١٢/ ٤١٤، وإكمال إكمال المعلم: شرح صحح مسلم، للأبي ٦/ ٤٦٢، وفيض القدير شرح الجامع الصغير، لعبد الرؤوف المناوي ٢/ ٦٠٠، وإرشاد الساري للقسطلاني ٥/ ٦٢.
(٥) فتح الباري ١١/ ٢٣١.
(٦) شرح رياض الصالحين ٦/ ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>