للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعا: من أساليب الدعوة: النداء والإجابة لتأكيد الاهتمام: دل قوله صلى الله عليه وسلم: " يا معاذ " على أنَّ نداء الشخص باسمه قبل إلقاء العلم إليه من أدب العلم ومن أساليب الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا بيَّن الإِمام عبد الله بن أبي جمرة أن في هذا الحديث من الفوائد في جذب قلب المدعو: " إحضار ذهنه إليك؛ ليعي ما تلقيه إليه؛ لأن الأذهان قد يطرقها فكرة فتكون بها مشغولة فلا تعي كل ما يلقى إليها " (١).

فينبغي للداعية أن يستخدم هذا الأسلوب عند الحاجة إليه.

خامسا: أهمية تعليم العامة قبل أن يسألوا: إن تعليم عامة الناس من أهم المهمات، وليس من شرطه أن يبقى الداعية ينتظر أسئلتهم، بل عليه أن يجتهد في تعليمهم العلم، وقد دل قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: «حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا» أن الداعية يعلم الناس العلم ولو لم يسألوا عنه؛ قال الإِمام عبد الله بن أبي جمرة رحمه الله: " وفي تعليمه صلى الله عليه وسلم معاذا من غير سؤال منه له صلى الله عليه وسلم دليل لمن يقول إن للعالم أن يعلم دون أن يسأل " (٢).

سادسا: أهمية سؤال الداعية عما أشكل عليه: إن السؤال عما أشكل من الأمور المهمة؛ ولهذا قال معاذ رضي الله عنه: «فقلت يا رسول الله أفلا أبشر به الناس؟ قال: " لا تبشرهم فيتكلوا»؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفيه جواز استفسار الطالب عما يتردد فيه، واستئذانه في إشاعة ما يعلم به وحده " (٣) وقد أمر الله عز وجل بسؤال العلماء، وحذر العلماء من كتمان العلم فقال عز وجل: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] (٤) وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: ١٥٩] (٥).


(١) بهجة النفوس ٤/ ١٤٣، وانظر: فتح الباري لابن حجر، ١١/ ٣٣٩.
(٢) بهجة النفوس، ٢/ ١٤٣، و ٣/ ١٢١.
(٣) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ١/ ٢٢٧.
(٤) سورة النحل، الآية: ٤٣، وسورة الأنبياء، الآية: ٧.
(٥) سورة البقرة، الآية: ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>