للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينبغي للمدعو أن يسأل، وللداعية أن يجيب، ويسأل من هو أعلم منه (١).

سابعا: أهمية مراعاة أحوال المدعوين: دل الحديث على أهمية مراعاة أحوال المدعوين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علَّم معاذا أن: «حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا» وعندما قال له معاذ رضي الله عنه: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تبشرهم فيتكلوا» وهذا يبين أن الداعية يراعي أحوال المدعوين فيقدم لكل إنسان ما يناسبه؛ ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة " (٢) وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكَذَّبَ الله ورسوله؟ " (٣) وذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم» (٤).

وقد ذكر ابن حجر رحمه الله على قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تبشرهم فيتكلوا» أن العلماء قالوا: " يؤخذ من منع معاذ من تبشير الناس؛ لئلا يتكلوا: أن أحاديث الرخص لا تشاع في عموم الناس؛ لئلا يقصر فهمهم عن المراد بها وقد سمعها معاذ ولم يزدد إلا اجتهادا في العمل وخشية لله عز وجل، فأما من لم يبلغ منزلته فلا يؤمن أن يقصر اتكالا على ظاهر الخبر " (٥).

ومما بين مراعاة أحوال المدعوين أن البخاري رحمه الله بوَّب في صحيحه بابا قال فيه: " باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا " ثم ذكر


(١) انظر: الحديث رقم، ٣، الدرس الثاني، والحديث رقم ٣٠، الدرس الرابع.
(٢) أخرجه مسلم، في المقدمة، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع، ١/ ١١.
(٣) البخاري، كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا، ١/ ٤٦.
(٤) مسلم، في المقدمة: ١/ ٦.
(٥) فتح الباري، ١١/ ٣٤٠، ونسبه إلى الحافظ ابن رجب في شرحه لأوائل صحيح البخاري، وقد طبع شرح ابن رجب بعنوان " فتح الباري شرح صحيح البخاري " ولكن ما نقله ابن حجر رحمه الله من القسم المفقود من كتاب العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>