للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاتكال وترك العبادة (١) وقد ذكر الإِمام عبد الله بن أبي جمرة رحمه الله على قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تبشرهم فيتكلوا» أنه صلى الله عليه وسلم إنما نهاه عن الإِخبار بهذا الفضل العظيم؛ لأن التوكل على نوعين: شرعي، ولغوي، ويعبَّر عنه بالطمع.

فالتوكل الشرعي: هو التوكل على الله والاعتماد عليه وتفويض الأمر إليه مع بذل الجهد في امتثال الأوامر واجتناب النواهي والعمل بالأسباب (٢).

أما التوكل اللغوي: فهو الاتكال بدون عمل (٣)؛ ولهذا نهى صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل عن تبشير الصحابة رضي الله عنهم؛ لئلا يعتمدوا على ذلك فيتركوا التنافس في الأعمال الصالحة (٤).

فينبغي للداعية أن يحذر الناس من الاتكال والكسل، ويحثهم على العمل والنشاط؛ ولهذا قال سبحانه: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: ١٠٥] (٥).

السادس عشر: من أساليب الدعوة: الترغيب والترهيب: دل على هذين الأسلوبين قوله صلى الله عليه وسلم: «وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا».

قال الإِمام القرطبي رحمه الله تعالى: " حق الله على عباده ما أوجبه عليهم بحكمه وألزمهم إياه بخطابه، وحق العباد على الله: هو ما وعدهم به من الثواب والجزاء، فحقَّ ذلك ووجب بحكم وعده الصدق وقوله الحق، الذي لا يجوز عليه الكذب في الخبر، ولا الخلف في الوعد، فالله تعالى لا يجب عليه شيء بحكم الأمر، إذ لا آمر فوقه، ولا بحكم العقل إذ العقل كاشف لا موجب " (٦).


(١) انظر: شرح رياض الصالحين، للعلامة محمد بن صالح العثيمين ٥/ ٣٧٨.
(٢) انظر: الحديث رقم ٣٠، الدرس الخامس.
(٣) انظر: بهجة النفوس ٣/ ١٢٣.
(٤) انظر: بهجة النفوس، لابن أبي جمرة، ٣/ ١٢٢، وفتح الباري لابن حجر، ١/ ٢٢٧، وفتح المجيد، لشرح كتاب التوحيد، لعبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، ١/ ١١٠.
(٥) سورة التوبة، الآية: ١٠٥.
(٦) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ١/ ٢٠٣، وانظر: شرح الطيبي لمشكاة المصابيح ٢/ ٤٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>