للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومكانته؛ ولهذا والله أعلم قال عليه الصلاة والسلام: «أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب».

وانتسب صلى الله عليه وسلم إلى جده دون أبيه؛ لشهرة عبد المطلب بين الناس؛ لما رزق من نباهة الذكر وطول العمر؛ ولأن عبد الله مات شابا ولم يشتهر؛ ولهذا كان كثير من العرب يدعون النبي صلى الله عليه وسلم ابن عبد المطلب، كما قال ضمام بن ثعلبة لما قدم عليه: " أيكم ابن عبد المطلب " (١) وقيل: لأنه اشتهر بين الناس أنه يخرج من ذرية عبد المطلب رجل يدعو إلى الله ويكون خاتم الأنبياء فانتسب إليه؛ ليذكر ذلك من كان يعرفه، وأنه لا بد أن يظهر على أعدائه، وأن العاقبة له؛ لتقوى نفوس أصحابه، وأعلمهم أيضا بأنه ثابت ملازم للحرب لم يولِّ مع من ولى، وعَرَّفهم موضعه؛ ليرجع إليه الراجعون والله أعلم، ولم يكن ذلك على جهة الافتخار بآبائه؛ فإن ذلك من خلقِ الجاهلية التي قد نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم وحرمها، وذَمَّ من انتمى إليها (٢)؛ وقد جاء في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه يرفعه: «من تَعزَّى بعزاء " (٣) الجاهلية فأَعِضّوه (٤) [بهنِ أبيه] ولا تكنوا» (٥)؛ وقال صلى الله عليه وسلم لرجل قال: ياللمهاجرين، ولآخر قال: ياللأنصار: «دعوها فإنها منتنة» (٦).

أما إذا كان الانتساب للآباء في المعارك والحروب على عادة الشجعان في


(١) انظر: صحيح البخاري، كتاب العلم، باب القراءة والعرض على المحدث، ١/ ٢٧، برقم ٦٣ وصحيح مسلم، كتاب الإِيمان، باب السؤال عن أركان الإِسلام، ١/ ٤١، برقم ١٢ وانظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، ٣/ ٦١٨، وشرح النووي على صحيح مسلم، ١٢/ ٣٦٣، وفتح الباري لابن حجر، ٨/ ٣١.
(٢) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي ٣/ ٦١٨، وشرح النووي على صحيح مسلم ١٢/ ٣٦٣، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر ٨/ ٣١.
(٣) التعزي: الانتماء والانتساب إلى القوم، كأن يقول: يالَفلان، أو ياللأنصار، أو ياللمهاجرين. النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب العين مع الزاي، مادة " عزا " ٣/ ٢٣٣.
(٤) فأعضوه: أي من انتسب إلى الجاهلية فقولوا له: اعْضض بأير أبيك ولا تكنوا عن الأير بالْهَنِ تنكيلا له وتأديبا. انظر: المرجع السابق باب العين مع الضاد، مادة " عضض " ٣/ ٢٥٢.
(٥) أخرجه البخاري في الأدب المفرد ص ٣٣٤ برقم ٩٦٣، وأحمد في المسند ٥/ ١٣٦ وما بين المعكوفين من رواية أحمد، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد، ص ٣٦٩، وانظر: فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد، لفضل الله الجيلاني ٢/ ٤٢٨، وسلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني برقم ٢٦٩.
(٦) متفق عليه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: البخاري، كتاب التفسير، باب يَقولونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّه الْعِزَّة وَلِرَسولِه وَلِلْمؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمنَافِقِينَ لَا يَعْلَمونَ ٦/ ٧٨ برقم ٤٩٠٧، ومسلم، في كتاب البر والصلة، باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما ٤/ ٩٩٨، برقم ٢٥٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>