للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولا: من موضوعات الدعوة: الحث على التواضع والتحذير من الكبر: إن الحث على التواضع والتحذير من الكبر من أهم موضوعات الدعوة، فهو دعوة للأمة للتحلي بالتواضع، والابتعاد عن الكبر، فإن العادة غالبا جرت أن الله لا يرفع شيئا من أمر الدنيا إلا حطَّه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «إن حقا على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه»، وقد دعا صلى الله عليه وسلم أمته إلى ترك المباهاة والفخر بمتاع الدنيا، فإذا كان ذلك كذلك كان حقا على كل عاقل أن يحث الناس على التواضع ويحذرهم من الكبر والفخر، والله المستعان (١).

ثانيا: من صفات الداعية: الزهد: دل هذا الحديث على أن الزهد من الصفات العظيمة التي ينبغي للمسلم أن يتصف بها؛ لأنه لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه الله، فإذا كان ذلك كذلك كان حقا على كل عاقل أن يزهد في الدنيا ومتاعها؛ لأنها ناقصة غير كاملة؛ ولهوانها على الله عز وجل، وهذا فيه تنبيه على ترك المباهاة والمفاخرة، وأن كل شيء هان على الله فهو محل الضعة، فحق على كل ذي عقل أن يزهد فيه، ويقل المنافسة في طلبه. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفيه التزهيد في الدنيا، للإشارة إلى أن كل شيء منها لا يرتفع إلا اتضع " (٢). والله المستعان (٣).

ثالثا: من صفات الداعية: التواضع: التواضع صفة عظيمة من صفات الدعاة إلى الله تعالى؛ لأن التواضع: هو تذلل وتخاشع لله تعالى؛ وقد مدِح الله تعالى الدعاة المتواضعين فقال: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: ٦٣] (٤) والمعنى أنهم يمشون في سكينة ووقار متواضعين غير أشرين، ولا متكبرين،


(١) انظر: فتح الباري، لابن حجر، ٦/ ٧٤، وعمدة القاري للعيني ١٤/ ١٦٢، وإرشاد الساري، للقسطلاني ٥/ ٨٠، وعون المعبود شرح سنن أبي داود، لمحمد شمس الحق العظيم آبادي ١٣/ ١٥٨، وعون الباري لحل أدلة البخاري، لصديق حسن خان ٣/ ٥٠١.
(٢) فتح الباري، لابن حجر، ٦/ ٧٤، وانظر: ١١/ ٣٤١.
(٣) انظر: الحديث رقم ٢، الدرس الأول، ورقم ١٥، الدرس الأول.
(٤) سورة الفرقان، الآية: ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>