للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متَّبع، وإعجاب المرء بنفسه، وثلاث منجيات: العدل في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، ومخافة الله في السر والعلانية» (١) والله المستعان (٢).

سابعا: من وسائل الدعوة: القدوة الحسنة: في هذا الحديث تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وموافقته أن يسابق الأعرابي، ثم عندما شق ذلك على أصحابه بيَّن لهم أن حقّا على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه، فكان عليه الصلاة والسلام بهذا الفعل وهذا القول قدوة بالقول والعمل للدعاة إلى الله تعالى، فإن من وسائل التبليغ المهمة وجذب الناس إلى الإسلام التبليغ بالسيرة الطيبة للداعية إلى الله تعالى، وأفعاله الحميدة، وصفاته العالية، وأخلاقه الكريمة، والتزامه بالإِسلام ظاهرا وباطنا مما يجعله قدوة طيبة؛ لأن التأثير بالأفعال والسلوك أبلغ من التأثير بالكلام وحده، ويجمع ذلك كله: حسن الخلق، وموافقة العمل للقول (٣).

ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأسوة للدعاة، فقد كان متواضعا في دعوته للناس؛ وقد جاء رجل فكلمه فجعل ترعد فرائصه فقال له: «هوِّن عليكَ فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد في هذه البطحاء» (٤) ثم تلا جرير: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: ٤٥] (٥). فعلى الدعاة إلى الله تعالى أن يقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان متواضعا في دعوته مع الناس، فكان يمر بالصبيان فيسلم عليهم، وتأخذ بيده الأمَة فتنطلق به حيث شاءت،


(١) الطبراني في الأوسط [مجمع البحرين برقم ١٤١، ١/ ١٥٥]، وأخرج الجزء الأول منه البزار [مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد برقم ٤١، ١/ ٩٨]، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ١٨٠٢، وصحيح الجامع الصغير ٣/ ٦٥.
(٢) انظر: الحديث رقم ٧، الدرس الثالث عشر.
(٣) انظر: الحديث رقم ٣، الدرس الثالث.
(٤) الطبقات الكبرى لابن سعد، ١/ ٢١، والحاكم بلفظه وصححه ووافقه الذهبي، من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه، ٢/ ٤٤٦، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ٤/ ٤٩٧.
(٥) سورة ق الآية: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>