للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمه وخبرته؛ لأن من طبائع الناس أنهم لا يقبلون ممن يستطيل عليهم، أو يبدو منه احتقارهم واستصغارهم ولو كان ما يقوله حقّا؛ قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: ١٥٩] (١). والخلق الحسن للداعية يشمل: التواضع وغيره من الأخلاق الجميلة الحميدة؛ كالحلم، والأناة، والجود والكرم، والعفو والصفح، والرفق واللين، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة التي يتأكد على كل داعية صادق أن يتصف بها (٢). والله الموفق سبحانه وتعالى (٣).

خامسا: أهمية أدب المدعو مع العلماء والدعاة: إن المدعو ينبغي له أن يلتزم الأدب مع العلماء والدعاة، ولا يشق عليهم، والذي ظهر من هذا الحديث أن الأعرابي لم يراع الأدب في طلب مسابقة النبي صلى الله عليه وسلم على قعوده، ولكن لتواضع النبي صلى الله عليه وسلم وافقه على ذلك. فينبغي للمدعو أن يلتزم الأدب مع العلماء والدعاة وطلاب العلم (٤).

سادسا: من أساليب الدعوة: الترهيب: دل الحديث على أن الترهيب أسلوب من أساليب الدعوة إلى الله تعالى؛ لأن الترهيب يكون بما يخيف المدعو، ويحذره من عدم الاستجابة أو رفض الحق، أو عدم الثبات عليه بعد قبوله.

فقد دل هذا الحديث على الترهيب من الكبر وأن عاقبته وخيمة؛ لأنه كان حقّا على الله أن يضع المتكبر ولو بعد حين؛ وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم، في هذا الحديث أنه: «حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه» وقد حذر الله عز وجل من الكبر والخيلاء فقال: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ - وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: ١٨ - ١٩] (٥)


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٥٩.
(٢) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ١٠/ ٦٥٨، ومدارج السالكين لابن القيم ٢/ ٣٠٨، والرياض الناضرة للسعدي ص ٢١٨.
(٣) انظر: الحديث رقم ١٤، الدرس الأول، ورقم ٢١، الدرس الثاني.
(٤) انظر: الحديث رقم ٣٥، الدرس الأول، ورقم، ٤٠، الدرس الأول.
(٥) سورة لقمان، الآيتان: ١٨ - ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>