للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولا: من موضوعات الدعوة: الحث على العناية بالفقراء والضعفاء: ظهر في هذا الحديث أن من موضوعات الدعوة: الحث على العناية بالضعفاء والمساكين؛ ولهذا حث النبي صلى الله عليه وسلم على هذا بقوله: «هل تنصرون وترزقون إلا ضعفائكم» والله عز وجل قد جعل الإِحسان إلى الفقراء والمساكين من صفات المتقين فقال عز وجل: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: ١٧٧] (١) وقال عز وجل: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الروم: ٣٨] (٢) {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء: ٢٦] (٣).

فينبغي الحث على الإِحسان إلى الفقراء والضعفاء، والله يحب المحسنين.

ثانيا: من أسباب النصر والرزق: الإحسان إلى الضعفاء: دل هذا الحديث على أنه لا ينبغي للأقوياء القادرين أن يستهينوا بالضعفاء العاجزين: لا في أمور الجهاد والنصرة، ولا في أمور الرزق وعجزهم عن الكسب؛ لأن النصر على الأعداء وبسط الرزق قد يكون بسبب الضعفاء؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم»؟ " وهم يكونون من أسباب النصر والرزق من عدة وجوهٍ، منها:

١ - قد يكون النصر على الأعداء، وبسط الرزق بأسباب توجه الضعفاء إلى الله عز وجل وطلبهم النصر والرزق؛ لأنهم أشدّ إخلاصا في الدعاء، وأكثر خشوعا في العبادة، وأقوى توكلا وثقة بالله عز وجل؛ لسلامة قلوبهم وعدم تعلقها بزخارف الدنيا، فإذا دعوا الله على هذه الحال استجاب لهم، فينصر


(١) سورة البقرة، الآية: ١٧٧.
(٢) سورة الروم، الآية: ٣٨.
(٣) سورة الإسراء، الآية: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>