للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله الأمة بسببهم، ويرزقهم من أجلهم.

٢ - جعل الله أرزاق هؤلاء الضعفاء على أيدي القادرين والأغنياء، فإذا أعطوهم حقهم وأنفقوا عليهم رغبة فيما عند الله؛ فإن الله عز وجل يفتح لهم من أسباب النصر والرزق ما لم يكن لهم ببال ولا دار لهم في خيال، فكم من إنسانٍ كان رزقه قليلا فكثرت عائلته والمتعلقون به فقام بالواجب وأنفق عليهم، ونصره الله على أعدائه، وأمد الله وَوَسَّعَ في رزقه (١)؛ قال الله عز وجل: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: ٣٩] (٢) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أَحدهما: اللهم أعطِ منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكا تلفا» (٣) وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: " قال الله تعالى: «يا ابن آدم أنفق أنفق عليك» (٤) وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انفحي، أو انضحي (٥) أو أنفقي، ولا تحصى فيحصي الله عليك (٦) ولا توعي فيوعي (٧) الله عليك» (٨) وفي صحيح البخاري (٩) «لا توكي فيوكي الله عليك» (١٠).


(١) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٨/ ٨٩، وبهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخبار في شرح جوامع الأخبار، للعلامة عبد الرحمن السعدي ص ٢٤٤، وشرح رياض الصالحين، للعلامة ابن عثيمين ٥/ ١٣١.
(٢) سورة سبأ، الآية: ٣٩.
(٣) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: صحيح البخاري، كتابِ الزكاة، باب قول الله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحسْنَى فَسَنيَسِّره لِلْيسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحسْنَى فَسَنيَسِّره لِلْعسْرَى ٢/ ١٤٧، برقم ١٤٤٢، ومسلم، كتاب الزكاة، باب المنفق والممسك، ٢/ ٧٠٠، برقم ١٠١٠.
(٤) متفق عليه من حديث أبى هريرة رضي الله عنه: البخاري، كتاب التفسير، تفسير سورة هود، باب قوله: وكان عرشه على الماء، ٥/ ٢٥٤ برقم ٤٦٨٤، ومسلم، كتاب الزكاة، باب الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف، ٢/ ٦٩٠، برقم ٩٩٣.
(٥) انفحي، أو انضحي: أي أعطي، والنضح والنفح العطاء، وفي رواية " وارضخي ما استطعت " البخاري برقم ١٤٣٤، والرضخ العطاء أيضا. انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص ٥٦٩.
(٦) لا تحصي: أي لا تبخلي فتجازين علي بخلك، وأصل هذا من الإحصاء الذي هو العد، وَعبِّرَ عن البخل بالإِحصاء؛ لأن البخيل يعد ماله ويتحرَز بِهِ، ويغار عليه. انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي ٣/ ٧٤.
(٧) ولا توعي فيوعي الله عليك: أي لا تجمعي وتشحي بالنفقة، يشَحّ عليك، وتجازي بتضييق رزقك " انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الواو مع العين، مادة: " وعا " ٥/ ٢٠٨.
(٨) متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها، ٢/ ١٤٥، برقم ١٤٣٣، ومسلم، كتاب الزكاة، باب الحث علي الإنفاق وكراهية الإحصاء، ٢/ ٧١٣ برقم ١٠٢٩.
(٩) البخاري، كتاب الزكاة، باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها ٢/ ٤٤، برقم ١٤٣٣.
(١٠) لا توكي: أي لا تدَّخري وتشدي ما عندك وتمنعي ما في يديك، فتنقطع مادة الرزق عنك، انظر: النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، باب الواو مع الكاف مادة: " وكا " ٥/ ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>