للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتِح عمل الشيطان» (١) ولهذه العقيدة السليمة قال الله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: ٥١] (٢).

ثانيا: من موضوعات الدعوة: التحذير من الاغترار بالأعمال: إن من الموضوعات التي ينبغي للداعية أن يعتني بها ويوجه الناس إلى الحذر منها: الاغترار بالأعمال؛ ولهذا عندما قتل الرجل نفسه أعظم الصحابة رضي الله عنهم ذلك؛ لأنهم نظروا إلى شجاعته، وقتاله العظيم، ولم يعرفوا الباطن، ولا المآل فأعلم الله الخبير العليم النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعاقبة هذا الرجل؛ لسوء مقصده وخبث نيته (٣) قال الإِمام القرطبي رحمه الله في فوائد هذا الحديث: ". . فيه التنبيه على ترك الاعتماد على الأعمال، والتعويل على فضل ذي العزة والجلال " (٤) وقال الإِمام النووي رحمه الله: " فيه التحذير من الاغترار بالأعمال، وأنه ينبغي للعبد أن لا يتكل عليها، ولا يركن إليها، مخافة انقلاب الحال للقدر السابق، وكذا ينبغي للعاصي أن لا يقنط ولغيره أن لا يقنطه من رحمة الله " (٥)؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سددوا وقاربوا، وأبشروا، فإنه لن يدخل الجنة أحدا عمله " قالوا: ولا أنت يا رسول الله، قال: " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمته. واعلموا أن أحبَّ العمل إلى الله أدومه وإن قلَّ» (٦). وقد مدح الله الخائفين على أعمالهم الصالحة يخشون أن لا تقبل منهم، فقال عز وجل: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: ٦٠] (٧) قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: «أهو الذي يزني ويسرق


(١) أخرجه مسلم، ٤/ ٢٠٥٢، برقم ٢٦٦٤، وتقدم تخريجه في الحديث رقم ١، الدرس الثاني، ص ٥٠.
(٢) سورة التوبة، الآية: ٥١.
(٣) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي ١/ ٣١٨.
(٤) المرجع السابق ١/ ٣١٨.
(٥) شرح النووي على صحيح مسلم ٢/ ٤٨٦.
(٦) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها: البخاري، كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل، ٧/ ٢٣٣، برقم ٦٤٦٤، ومسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب لن يدخل الجنة أحد بعمله بل برحمة الله، ٤/ ٢١٧١، برقم ٢٨١٨.
(٧) سورة المؤمنون، الآية: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>