للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشرب الخمر؛ قال: " لا يا بنت أبي بكر [أو يا بنت الصديق] ولكنه الرجل يصوم، ويتصدق، ويصلي، ويخاف أن لا يتقبل منه» (١).

فينبغي للداعية أن يبيِّن للناس أن الاعتماد على الله عز وجل في كل شيء، والطمع في رحمته مع إحسان العمل وإخلاصه لله عز وجل، وعدم الغرور والإِعجاب بالأعمال. والله المستعان.

ثالثا: من صفات الداعية: الجمع بين الخوف والرجاء: يظهر من هذا الحديث أنه ينبغي للمسلم وخاصة الداعية إلى الله عز وجل أن يجمع بين الخوف والرجاء؛ لأن الإِنسان لا يدري هل هو من أهل الجنة أو من أهل النار، وقد ذكر ابن حجر رحمه الله عن ابن بطال رحمه الله أنه قال: " في تغييب خاتمة العمل عن العبد حكمة بالغة، وتدبير لطيف؛ لأنه لو علم وكان ناجيا أعجِب وكسِل، وإن كان هالكا ازداد عتوّا، فحجب عنه ذلك؛ ليكون بين الخوف والرجاء " (٢) فالأمن من مكر الله عز وجل ينافي كمال التوحيد؛ ولهذا قال الله عز وجل: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: ٩٩] (٣).

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج " (٤) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: ٤٤] (٥)» والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله ينافي كمال التوحيد أيضا؛ ولهذا قال الله عز وجل: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر: ٥٦] (٦)


(١) ابن ماجه، كتاب الزهد، باب التوقي في العمل، ٢/ ١٤٠٤، برقم ٤١٩٨، والترمذي كتاب تفسير القرآن، باب " ومن سورة المؤمنون " ٥/ ٣٢٧، برقم ٣١٧٥، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ١٦٢، وفي صحيح ابن ماجه ٢/ ٤٠٩، وصحيح الترمذي ٣/ ٨٠.
(٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١١/ ٣٣٠.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ٩٩.
(٤) أحمد في مسنده، ٤/ ١٤٥، وفي الزهد ص ٢٧ برقم ٦٢، وابن جرير في تفسيره ١١/ ٣٦١، برقم ١٣٢٤٠، و ١٣٢٤١، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ٤١٤، وفي تحقيقه لمشكاة المصابيح ٣/ ١٤٣٦، قال: " إسناده جيد ".
(٥) سورة الأنعام: الآية: ٤٤.
(٦) سورة الحجر، الآية: ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>