للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عز وجل: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: ٨٧] (١) والقنوط: استبعاد الفرج واليأس منه، وهو يقابل الأمن من مكر الله وكلاهما ذنب عظيم (٢) وعن ابن عباس رضي الله عنهمَا «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر؛ فقال: " الشرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله» (٣). وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح اللَّه» (٤). ومعنى الأمن من مكر الله: أي أمن الاستدراج بما أنعم الله به على عباده من صحة الأبدان، ورخاء العيش، وهم على معاصيهم (٥).

واليأس من روح الله: أي قطع الرجاء من رحمة الله ومن تفريجه للكربات (٦).

والقنوط من رحمة الله: هو أشدّ اليأس (٧).

وهذا فيه التنبيه على الجمع بين الرجاء والخوف، فإذا خاف فلا يقنط ولا ييأس بل يرجو رحمة الله (٨).

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت فقال: " كيف تجدك؟ " قال: أرجو الله يا رسول الله، وأخاف ذنوبي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو، وآمنه مما يخاف» (٩).


(١) سورة يوسف، الآية: ٨٧.
(٢) انظر: فتح المجيد، لشرح كتاب التوحيد، لعبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب ٢/ ٥٩٨.
(٣) أخرجه البزار في مسنده ١/ ١٠٦، برقم ٥٥، [مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد] وقال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه البزار، والطبراني ورجاله موثوقون ١/ ١٠٤.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنف، ١٠/ ٤٥٩، برقم ١٩٧٠١، والطبراني في المعجم الكبير ٩/ ١٥٦، برقم ٨٧٨٣، ٨٧٨٤، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: إسناده صحيح ١/ ١٠٤.
(٥) انظر: تفسير الطبري [جامع البيان عن تأويل آي القرآن] ١٢/ ٥٧٩، وانظر: ١٢/ ٩٥ - ٩٧.
(٦) انظر: المرجع السابق، ١٦/ ٢٣٣.
(٧) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب القاف مع النون، مادة: " قنط " ٤/ ١١٣.
(٨) انظر: فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد، للعلامة محمد بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب ٢/ ٦٠١.
(٩) الترمذي، كتاب الجنائز، باب: حدثنا عبد الله بن أبي زياد، ٣/ ٣٠٢، برقم ٩٨٣، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له، ٢/ ١٤٢٣ برقم ٤٢٦١، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ١٠٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>