للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشتد قلقهم منه؛ لأن المؤمن يخاف على نفسه النفاق الأصغر، ويخاف أن يغلب عليه عند الخاتمة فيخرجه إلى النفاق الأكبر؛ لأن دسائس السوء من أسباب سوء الخاتمة (١). وقد ذكِرَ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لحذيفة رضي الله عنه: " نشدتك بالله هل سمّاني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم؟ " - يعني من المنافقين- قال: لا، ولا أبرئ بعدك أحدا، يعني لا يكون مفشيا سرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢). وقال عبد الله بن أبي مليكة: " أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، وما منهم من أحد يقول: إن إيمانه على إيمان جبريل وميكائيل " (٣). وقال إبراهيم التيمي رحمه الله: " ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذبا " (٤). ويذكر عن الحسن: " ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق " (٥).

ويذكر عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: " لأن أستيقن أن الله تقبل لي صلاة واحدة أحب إليَّ من الدنيا وما فيها، إن الله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: ٢٧] (٦).

٢ - التوبة من جميع الذنوب والمعاصي وإتباعها بالأعمال الصالحة؛ لأن التسويف في التوبة من أسباب سوء الخاتمة؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: ٣١] (٧). وقال سبحانه وتعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ - وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر: ٤٩ - ٥٠] (٨). ولا شك أن: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» (٩).


(١) انظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب ١/ ١٧٤، و ١٧٢.
(٢) ذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ٥/ ١٩.
(٣) البخاري، كتاب الإِيمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، معلقا مجزوما به، ١/ ٢١.
(٤) المرجع السابق في الكتاب والباب المذكور، ١/ ٢١، معلقا مجزوما به.
(٥) المرجع السابق في الكتاب نفسه والباب، ١/ ٢١، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري ١/ ١١١ " وصله جعفر الفريابي في كتاب صفة المنافقين،، وأشار الحافظ رحمه الله إلى صحته.
(٦) ذكره ابن كثير في تفسيره، ٢/ ٤١، وعزاه إلى ابن أبي حاتم، وانظر: المنار المنيف في الصحيح والضعيف، لابن القيم، ص ٣٢، والآية من سورة المائدة: ٢٧.
(٧) سورة النور، الآية: ٣١.
(٨) سورة الحجر، الآيتان: ٤٩ - ٥٠.
(٩) رواه ابن ماجه برقم ٢٤٥٠، والطبراني في المعجم الكبير، برقم ١٠٢٨١، وتقدم تخريجه في الدرس الثاني من الحديث رقم ٣٩، ص ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>