للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار» (١).

وقد يعمل الرجل الزمن الطويل بالطاعات ويبتعد عن المعاصي والسيئات ثم قبل موته يرتكب الجرائم والموبقات ويترك الواجبات، فيهجم عليه الموت فجأة فيختم له بخاتمة السوء، وبالعكس؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، ثم يختم له عمله بعمل أهل النار، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار، ثم يختم له عمله بعمل أهل الجنة» (٢).

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله على حديث الباب: " وقوله: " فيما يبدو للناس " إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك وأن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس. . . من جهة عمل سيءٍ ونحو ذلك فتلك الخصلة الخفية توجب سوءَ الخاتمة عند الموت، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خفية من خصال الخير، فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره، فتوجب له حسن الخاتمة " (٣).

وينبغي للمسلم أن يعمل بالأسباب التي توصل إلى حسن الخاتمة ويبتعد عن جميع الأسباب التي تنشأ عنها سوء الخاتمة، ومن ذلك ما يأتي:

١ - خوف الله عز وجل، والخشية من سوء الخاتمة، فقد كان السلف الصالح يخافون من سوء الخاتمة، فيحسنون العمل؛ لأن الخوف مع الرجاء يبعث على إحسان العمل؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة» (٤)؛ ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من السلف يخافون على أنفسهم النفاق،


(١) متفق علبه: البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، ٤/ ٩٤ برقم ٣٢٠٨، واللفظ له برقم ٣٣٣٢، ومسلم، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته، ٤/ ٢٠٣٦ برقم ٢٦٤٣.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه، وأجله وعمله، وشقاوته، وسعادته، ٤/ ٢٠٤٢ برقم ٢٦٥١، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) جامع العلوم والحكم، ١/ ١٧٢، وانظر: المفهم لما أشكل في تلخيص كتاب مسلم للقرطبي ١/ ٣١٩.
(٤) الترمذي، وحسنه، في كتاب صفة القيامة، باب: حدثنا محمد بن حاتم المؤدب، ٤/ ٦٣٣، برقم ٢٤٥٠، والحاكم من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه ٤/ ٣٠٨، و ٢/ ٤٢١، ٥١٣، وأحمد في المسند ٥/ ١٣٦ وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ٩٥٤، وبرقم ٢٣٣٥، وانظر: صحيح سنن الترمذي للألباني ٢/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>