للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يقاتل إما انتصارا لقومه، أو رياء وسمعة؛ قال الإمام القرطبي رحمه الله في هذا الحديث: " دليل على أن ذلك الرجل لم يكن مخَلصا في جهاده، وقد صرح الرجل بذلك فيما يروى عنه أنه قال: إنما قاتلت عن أحساب قومي، فيتناول هذا الخبر أهل الرياء " (١).

فيتأكد على الداعية؛ أن يخلص نيته وأن يصلح قصده، وينبغي له أن يحث الناس على إصلاح النية وإخلاصها لله الواحد القهار؛ لأن الاعتبار بالنيات (٢).

ثامنا: من موضوعات الدعوة: حث الناس على طلب حسن الخاتمة بالقول والعمل: لا شك أن من الموضوعات المهمة في الدعوة إلى الله عز وجل حض المدعوين على طلب حسن الخاتمة بالدعاء، وبعمل جميع الأسباب المؤدية إلى حسن الختام؛ لأن من رغب في شيء وحرص عليه جد في طلبه بالدعاء والضراعة إلى الله عز وجل، واجتهد في بذل الأسباب؛ قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: ٦٩] (٣) وقد ظهر في هذا الحديث: أن الأعمال بالخواتيم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وإنما الأعمال بخواتيمها».

ومما يعين المسلم على طلب حسن الخاتمة معرفته بعض ما يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حسن الخاتمة وسوئها ومن ذلك: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكا بأربع كلمات: فيكتب عمله، وأجله، ورزقه، وشقي أم سعيد، ثم ينفخ فيه الروح. فإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق


(١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ١/ ٣١٩.
(٢) انظر: الحديث رقم ٢٢، الدرس السادس.
(٣) سورة العنكبوت، الآية: ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>