للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التكاتف والتعاون بدون ضرر على أحد منهم (١).

وسمعت سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز - حفظه الله - يقول في فوائد حديث جابر - رضي الله عنه -: " الحديث يدل على جواز التفرق عند الحاجة، وهناك نصوص تدل على الحذر عند الحاجة " (٢). كما قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: ٧١] (٣).

ثانيا: من صفات الداعية: قوة اليقين: من المعلوم يقينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعظم الخلق يقينا وثباتا، وتوكلا، ومراقبة لله - عز وجل - باستحضار عظمته وقدرته، ونصرته لأوليائه؛ ولهذا لما قال له الأعرابي: من يمنعك مني؟ فقال: " الله "، وهذا يدل على يقينه الصادق وعلمه الكامل بالله عز وجل. فينبغي لكل مسلم الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - وخاصة الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى (٤).

ثالثا: من صفات الداعية: العفو والصفح، ومقابلة السيئة بالحسنة: دل هذا الحديث على أن العفو والصفح من أبرز الصفات الحميدة وأكثرها وأعظمها أثرا في نفس المدعو؛ ولهذا لم يعاقب النبي - صلى الله عليه وسلم - الأعرابي: غورث بن الحارث على فعله القبيح، بل عفا عنه وصفح؛ لرغبته العظيمة في الاستئلاف؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " فمن عليه لشدة رغبة النبي - صلى الله عليه وسلم - في استئلاف الكفار؛ ليدخلوا في الإسلام ولم يؤاخذه بما صنع بل عفا عنه " (٥).

ولا شك أن هذا العفو قد أثر في حياة هذا الرجل، فقد قيل: إنه أسلم ورجع


(١) انظر: فتح الباري، لابن حجر، ٦/ ٩٧، و ٧/ ٤٢٧ - ٤٢٨، وعون المعبود شرح سنن أبي داود، لمحمد شمس الحق ٧/ ٢٩٢، وبذل المجهود في حل سنن أبي داود، لخليل أحمد السهار نفوري ١٢/ ١٣٨.
(٢) سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم ٢٩١٣ من صحيح البخاري.
(٣) سورة النساء، الآية: ٧١.
(٤) انظر: الحديث رقم ٢٨، الدرس الرابع.
(٥) فتح الباري، بشرح صحيح البخاري، ٧/ ٤٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>