للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى قومه، وقال: جئتكم من عند خير الناس، فاهتدى به خلق كثير (١). وهذا يؤكد أهمية العفو والصفح؛ قال الله عز وجل: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩] (٢) وقال عز وجل: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: ١٣] (٣).

فينبغي للداعية أن يعفو ويصفح ويقابل السيئة بالحسنة، قال الله عز وجل: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: ٤٠] (٤). وقال سبحانه وتعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: ٤٣] (٥).

رابعا: من صفات الداعية: الشجاعة: دل هذا الحديث على شجاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقوة قلبه، وثباته؛ ولهذا عندما سل الأعرابي السيف وقال: من يمنعك مني؛ لم يجزع ولم يسأله العفو؛ وإنما قال: " الله "، وهذا يوضح للدعاة، بل وللناس جميعا عظم شجاعته - صلى الله عليه وسلم - قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وكأن الأعرابي لمّا شاهد ذلك الثبات العظيم، وعرف أنه حيل بينه وبينه، تحقق صدقه، وعلم أنه لا يصل إليه، فألقى السلاح وأمكن من نفسه " (٦). فينبغي لكل مسلم أن يقتدي به - صلى الله عليه وسلم - في قوة قلبه، وشجاعته وفي كل أحواله التي لم تكن من خصائصه دون أمته. (٧).

خامسا: من وظائف المدعو الصالح: حراسة الإمام المسلم والعالم العامل بعلمه: يظهر من مفهوم هذا الحديث أنه ينبغي للمدعو الصالح أن يحرس الإمام المسلم، والعالم العامل بعلمه الذي يعلم الناس الخير ويوجههم إلى مصالح دينهم ودنياهم؛ لما يحصل بذلك من المنافع، وحفظ أمن الناس؛ قال


(١) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم ١٥/ ٤٩، وإكمال إكمال المعلم شرح صحيح مسلم، للأبي ٨/ ١٣، وفتح الباري لابن حجر، ٧/ ٤٢٨، وعمدة القاري للعيني ١٤/ ١٩٥، وإرشاد الساري للقسطلاني، ٥/ ٩٩.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ١٩٩.
(٣) سورة المائدة، الآية: ١٣.
(٤) سورة الشورى، الآية: ٤٠.
(٥) سورة الشورى، الآية: ٤٣.
(٦) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٧/ ٤٢٧، وانظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي، ٦/ ٦١، ومكمل إكمال الإكمال شرح صحيح مسلم، للسنوسي، ٣/ ١٩٧، وعمدة القاري للعيني، ١٤/ ١٨٩.
(٧) انظر: الحديث رقم ٣٥، الدرس الخامس، ورقم ٦١، الدرس الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>