للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقليل على الكثير» (١). وعنه - رضي الله عنه - أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير» (٢). وللسلام آداب كثيرة جميلة، وفضائل عظيمة لا يتسع المقام لذكرها في هذا الموضع. فينبغي للداعية أن يعتني بها ويراجعها (٣).

رابعا: من أساليب الدعوة: البشارة: ظهر هذا الأسلوب في قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: «أو لم تسمعي ما قلت؟ يستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في» وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «وإنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا» (٤). وهذه بشارة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة ولجميع المسلمين أن الدعاء بالحق على الظالم يستجاب، ولا يستجاب دعاء الظالم على المظلوم؛ لأنه دعاء بالباطل والظلم؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " ويستفاد منه أن الداعي إذا كان ظالما على من دعا عليه لا يستجاب دعاؤه " (٥).

خامسا: من صفات الداعية: الحلم: إن الحلم من الصفات الكريمة الجميلة التي ينبغي أن يتصف بها الداعية إلى الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا لم يغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما قال اليهود: " السام عليك " وإنما ضبط نفسه، وأعرض عنهم، ورد عليهم ما يناسبهم " وعليكم " وقد أمره الله - عز وجل - بالإعراض عن الجاهلين فقال سبحانه وتعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩] (٦)


(١) متفق عليه: البخاري، في كتاب الاستئذان، باب تسليم الراكب على الماشي، ٧/ ١٦٥، برقم ٦٢٣٢، ومسلم، كتاب السلام، باب يسلم الراكب على الماشي والقليل على الكثير، ٤/ ١٧٠٣ برقم ٢١٦٠.
(٢) البخاري، كتاب الاستئذان، باب تسليم القليل على الكثير، ٧/ ١٦٥، برقم ٦٢٣١.
(٣) انظر: الآداب الشرعية لابن مفلح المقدسي ١/ ٣٥٠ - ٤١٧، وغذاء الألباب لشرح منظومة الآداب، لمحمد السفاريني ١/ ٤٧٤ - ٣٠٠.
(٤) أخرجه مسلم، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - في كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم، ٤/ ١٧٠٧ برقم ٢١٦٦. من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.
(٥) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١١/ ٢٠٠.
(٦) سورة الأعراف، الآية: ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>