للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى المدعوين مع السفراء والرسل؛ ولهذا كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قيصر- كما في هذا الحديث- يدعوه إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الملوك والجبابرة يدعوهم إلى الإسلام، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: " أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى كسرى (١). وإلى قيصر (٢). وإلى النجاشي (٣). وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله تعالى، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ". (٤).

وأرسل - صلى الله عليه وسلم - الرسل يحملون الرسائل والكتب إلى ملوك الأرض، وأرسل الدعاة إلى الله يبلغون الناس الإسلام، ويدعونهم قبل كل شيء إلى الشهادتين، ثم يدعونهم بالتدرج إلى شرائع الإسلام، ومن ذلك «أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذ بن جبل إلى اليمن وقال له: " إنك تأتي قوما أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله [وفي رواية: " فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل]، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» (٥).

وهذا يبين أهمية إرسال الكتب وبعث الرسل والدعاة لدعوة الناس إلى الإسلام، وتبليغهم كل ما أمر الله به عباده عن طريق التدرج (٦).

ثالثا: من وسائل الدعوة: القدوة الحسنة: دل مفهوم هذا الحديث على أهمية القدوة الحسنة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في كتابه


(١) كِسْرى: وهو لقب لكل من ملك من ملوك الفرس. شرح النووي على صحيح مسلم، ١٢/ ٣٥٥.
(٢) قيصر: لقب لكل من ملك الروم. انظر: المرجع السابق، ٢/ ٣٥٥.
(٣) النجاشي: لقب لكل من ملك الحبشة، كما أن: خاقان لكل من ملك الترك، وفرعون لكل من ملك القبط، والعزيز لكل من ملك مصر، وتبع لكل من ملك حمير. انظر: المرجع السابق، ١٢/ ٣٥٥.
(٤) صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل، ٣/ ١٣٩٧، برقم ١٧٧٤.
(٥) متفق عليه: البخاري، ٢/ ١٣٣، برقم ١٣٩٥، ومسلم، ١/ ٥٠، برقم ١٩، وتقدم تخريجه في الحديث رقم ٥٢، الدرس الثاني، ص ٣٢٣.
(٦) انظر: الحديث رقم ٦٦، الدرس الثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>