للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولا: من موضوعات الدعوة: الدعوة إلى كلمة التوحيد:

دل هذا الحديث على أن من موضوعات الدعوة: الدعوة إلى كلمة التوحيد، وهي " شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذا كتب - صلى الله عليه وسلم - إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام أي إلى الشهادتين كما ثبت فيما تضمنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأحاديث يفسر بعضها بعضا ففي الرواية الأخرى: أن قيصر " هرقل " دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى، فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل " قيصر " فقرأه، وفي رواية: " فقرئ " فإذا فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم. سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام (١). أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ٦٤] (٢) فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده» (٣). وهذا مضمون الكتاب قد اتضح فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا هرقل وأتباعه إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله. وهذا يبين للدعاة إلى الله - عز وجل - أهمية العناية بالشهادتين، ودعوة الكفار إليهما قبل كل شيء، وبيان معناهما، ومقتضاهما، وشروطهما وأركانهما، ونواقضهما، وخاصة بعد دخول الكفار في الإسلام (٤).

ثانيا: من وسائل الدعوة: الكتب والرسائل وإرسال الرسل والدعاة: دل هذا الحديث على أن من وسائل الدعوة كتابة الرسائل والكتب، وإرسالها


(١) أدعوك بدعاية الإسلام: أي بدعوته وهي كلمة التوحيد. شرح النووي على صحيح مسلم ١٢/ ٣٥٢، وقال الطيبي: " وهي كلمة الشهادة التي يدعى إليها أهل الملل الكافرة " شرح الطيبي لمشكاة المصابيح ٨/ ٢٦٩٢، وقال القرطبي: " هي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " المفهم ٣/ ٦٠٨.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ٦٤.
(٣) متفق عليه من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن أبي سفيان رضي الله عنه: البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس إلى الإسلام والنبوة، ٤/ ٣، برقم ٢٩٤١، وطرفه الأول عند البخاري في كتاب الوحي، باب حدثنا أبو اليمان، ١/ ٦ برقم ٧، وأخرجه مسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام، ٣/ ١٣٩٦، برقم ١٧٧٣.
(٤) انظر: الحديث رقم ٩٣، الآتي بعد حديثين، الدرس الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>