للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهي مرادة قطعا، ثم النطق بالشهادتين يدل على الدخول في الدين والتصديق بكل ما تضمنه، وعلى هذا فالنطق بالكلمة الأولى يفيد إرادة الثانية ". (١).

ومع ما قال القرطبي رحمه الله، فإن الأحاديث يفسر بعضها بعضا، فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله» (٢). فهذا الحديث قد بين ما أجمل في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فاتضح أن كلمة لا إله إلا الله عند إطلاقها تتضمن وتستلزم الشهادة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة.

ولا شك أن هذه الشهادة لا تنفع قائلها إلا بشروط بينها أهل العلم: وهي: العلم المنافي للجهل، واليقين المنافي للشك، والقبول المنافي للرد، والانقياد المنافي للترك، والإخلاص المنافي للشرك، والصدق المنافي للكذب، والمحبة المنافية للبغض (٣). وأضيف إلى ذلك: الكفر بما يعبد من دون الله عز وجل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، فقد حرم ماله ودمه، وحسابه على الله» (٤).

فينبغي أن يبين الداعية للناس هذه الشهادة، ومعناها وشروطها، ومقتضاها، ونواقضها؛ لأنها لا تنفع قائلها إلا بالعمل بالشروط، والابتعاد عن النواقض (٥).

ثانيا: من صفات الداعية: العمل بالظاهر والله يتولى السرائر: إن من نطق بالشهادتين، وعمل بما دلتا عليه ظاهرا، فإن ذلك يمنع ماله


(١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ١/ ١٨٧.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الإيمان، باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم، ١/ ١٤ برقم ٢٥، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، ١/ ٥٣، برقم ٢٠.
(٣) انظر: فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد، لمحمد بن حسن، ١/ ١٩٠.
(٤) مسلم، في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حنى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، ١/ ٥٣، برقم ٢٢، من حديث أبي مالك [سعد] عن أبيه [طارق بن أشيم الأشجعي رضي الله عنه].
(٥) انظر: الحديث رقم ٩٠، الدرس الأول، ورقم ٩٢، الدرس السابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>