للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلامية ونشر العلم بين الناس (١).

ثانيا: من موضوعات الدعوة: التحذير من التعذيب بعذاب الله عز وجل: دل هذا الحديث على أن من موضوعات الدعوة التحذير من التعذيب بعذاب الله عز وجل لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن النار لا يعذب بها إلا الله»، «وقد ثبت أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حرق قوما فبلغ ابن عباس - رضي الله عنهما - فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا تعذبوا بعذاب الله "، ولقتلتهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من بدل دينه فاقتلوه» (٢) وعلي - رضي الله عنه - فعل ما فعل غضبا لله عز وجل؛ لأن هؤلاء الذين أحرقهم بالنار جعلوه إلها من دون الله، فغضب لله وحرقهم؛ ولأنه - رضي الله عنه - لم يبلغه النهي عن التعذيب بالنار، وسمعت سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله يقول: " فعل علي رضي الله عنه؛ لأنه لم يبلغه الحديث، وفعل ذلك لأنهم فعلوا أمرا شنيعا حيث ألّهوه من دون الله، فغضب لله، وفعل ما فعل رضي الله عنه، وهذه قاعدة: أن العالم إذا خالف السنة حمل على أنه لم يبلغه الحديث " (٣). فينبغي للداعية أن يحذر الناس من التعذيب بالنار؛ لأنه لا يعذب بها إلا الله. قال الإمام ابن العربي رحمه الله: " والنار لا يعذب بها إلا الله سبحانه، إلا أن يحرق رجل رجلا بالنار فيحرق بها قصاصا " (٤).

وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عذب العرنيين الذين قتلوا راعي الإبل بشيء من النار، ففي حديث أنس رضي الله عنه: «. . فقطع أيديهم وأرجلهم، ثم أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها وطرحهم بالحرة يستسقون فما سقوا حتى ماتوا» (٥). وفي رواية لمسلم: «إنما سمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أعين هؤلاء؛ لأنهم سملوا أعين


(١) انظر: الحديث رقم ٦٦، الدرس الثالث، ورقم ٩٠، الدرس الثاني.
(٢) البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، ٤/ ٢٧، برقم ٣٠١٧.
(٣) سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم ٣٠١٦، ورقم ٣٠١٧، من صحيح البخاري.
(٤) عارضة الأحوذي بشرح سنن الترمذي ٤/ ٧٤.
(٥) متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب إذا أحرق المشرك المسلم هل يحرق، ٤/ ٢٧، برقم ٣٠١٨، ومسلم، كتاب القسامة، باب حكم المحاربين والمرتدين، ٣/ ١٢٩٦، برقم ١٦٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>