للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعا: من وظائف الإمام المسلم: قتل كل من آذى الله ورسوله بدون استتابة: دل هذا الحديث على أن من صدر منه أذى لله أو لرسوله صلى الله عليه وسلم، فإن إمام المسلمين يأمر بقتله نصرة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل هذين الرجلين بدون استتابة؛ لما صدر منهما من الأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال الإمام عبد الله بن أبي جمرة رحمه الله: " إن من سب الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - قتل ولم يستتب؛ لأن فلانا وفلانا المذكورين في الحديث قد سميا في حديث غير هذا، وقيل: سبب ذلك أنهما كانا يؤذيان الله ورسوله " (١). ولا شك أنه يفرق بين الكافر الأصلي والمسلم المرتد بذلك، وقد سبق التفصيل (٢).

خامسا: من أدب المدعو: توديع العلماء والدعاة إذا أراد سفرا: ظهر في هذا الحديث أن من الأدب توديع العلماء والدعاة قبل السفر؛ ولهذا قال أبو هريرة - رضي الله عنه - في هذا الحديث في شأن النبي صلى الله عليه وسلم: «ثم أتيناه نودعه حين أردنا الخروج».

فينبغي أن يعتني المدعو وكذلك الداعية بتوديع العلماء في بلده؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفيه مشروعية توديع المسافر لأكابر أهل بلده، وتوديع أصحابه له أيضا " (٣).

سادسا: من أساليب الدعوة: الترهيب: دل هذا الحديث على أسلوب الترهيب؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل من آذى الله ورسوله، بقوله: " فاقتلوهما "؛ قال الإمام عبد الله بن أبي جمرة رحمه الله: " إن إطالة الزمان لا تمنع رفع العقاب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل هذين حين رجا القدرة عليهما، وقيل ذلك حين كانت الأذية منهما صادرة ولو لم ترج القدرة للمسلمين عليهما لم يأمر فيهما بشيء " (٤).


(١) بهجة النفوس، شرح مختصر صحيح البخاري ٣/ ١٥٤.
(٢) انظر: الحديث رقم ٨٩، الدرس الثامن، ص ٥١٦.
(٣) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ١٥١، وانظر: عمدة القاري للعيني ١٤/ ٢٢١.
(٤) بهجة النفوس، شرح مختصر البخاري ٣/ ١٥٤، وانظر: فتح الباري لابن حجر ٦/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>