للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر فقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩] (١) وولاة الأمر هم: العلماء، والولاة، والأمراء (٢).

فينبغي للداعية أن يحض الناس على طاعتهم في غير معصية الله عز وجل؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فطاعة الله ورسوله واجبة؛ لأمر الله بطاعتهم، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر فأجره على الله، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم، وإن منعوه عصاهم فما له في الآخرة من خلاق " (٣) وذكر الإمام الطيبي رحمه الله: ". . أن سماع كلام الحاكم وطاعته واجب على كل مسلم، سواء أمره بما يوافق طبعه، أو لم يوافقه، بشرط أن لا يأمره بمعصية، فإن أمره بها فلا تجوز طاعته، ولكن لا يجوز له محاربة الإمام " (٤).

ثانيا: من صفات الداعية: الصبر على جور الولاة والأمراء: دل هذا الحديث على أن من صفات المسلم، وخاصة الداعية إلى الله - عز وجل - أن يصبر على جور الولاة والأمراء؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: «السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة»، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بطاعة ولاة الأمر وإن جاروا ماداموا لم يكفروا، فعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: «دعانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه فكان فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله» (٥) وقال:


(١) سورة النساء، الآية: ٥٩.
(٢) انظر: تفسير ابن جرير الطبري " جامع البيان عن تأويل آي القرآن "، ٨/ ٤٩٧، وتفسير القرطبي، " الجامع لأحكام القرآن "، ٥/ ٢٦١، وتفسير ابن كثير ١/ ٥١٩، وفتاوى ابن تيمية ١١/ ٥٥١.
(٣) فتاوى ابن تيمية، ٣٥/ ١٦ - ١٧.
(٤) شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، ٨/ ٢٥٥٩.
(٥) وفي رواية لمسلم " وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم " برقم ١٧٠٩، ويأتي تخريجه في الذي بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>