للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها؛ لما جرى تحتها من الخير، ونزول الرضوان، والسكينة، وغير ذلك، فلو بقيت ظاهرة معلومة لخيف تعظيم الأعراب إياها وعبادتهم لها، فكان خفاؤها رحمة من الله تعالى " (١) وقال ابن حجر رحمه الله: " كانت رحمة من الله: أي كان خفاؤها عليهم بعد ذلك رحمة من الله تعالى، ويحتمل أن يكون معنى قوله " رحمة من الله " أي كانت الشجرة، موضع رحمة الله ومحل رضوانه؛ لنزول الرضا عن المؤمنين عندها " (٢) وحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - هذا يدل على أن الصحابة - رضي الله عنهم - قد أنسوا مكان الشجرة، وقد وافق ابن عمر - رضي الله عنهما - على أن الشجرة خفي عليهم مكانها من العام الذي بعد صلح الحديبية، المسيب والد سعيد، قال سعيد رحمه الله: حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة، قال: فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها " (٣) وقال ابن حجر رحمه الله: " لكن إنكار سعيد بن المسيب على من زعم أنه عرفها معتمدا على قول أبيه أنهم لم يعرفوها في العام المقبل لا يدل على رفع معرفتها أصلا " (٤) وقد ثبت أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - هو الذي قطعها، فعن نافع قال: " بلغ عمر بن الخطاب أن ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها، قال: فأمر بها فقطعت " (٥).

وسمعت سماحة العلامة ابن باز حفظه الله يقول: " أنسيها المسيب - رحمه الله - ولكن عمر - رضي الله عنه - علمها وقطعها " (٦).

وهذا يبين أهمية إزالة المواضع التي يخشى على الناس من الافتتان بها، وأن ذلك من وسائل الدعوة إلى الله عز وجل.


(١) شرح النووي على صحيح مسلم ١٣/ ٩.
(٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ١١٨.
(٣) متفق عليه: البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية، وقول الله تعالى: لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة. [الفتح ١٨] ٥/ ٧٧ برقم ٤١٦٣، ٤١٦٤، ومسلم، كتاب الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، وبيان بيعة الرضوان تحت الشجرة، ٣/ ١٤٨٥ برقم ١٨٥٩.
(٤) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٧/ ٤٤٨.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب الصلوات، ٢/ ٣٧٥، وابن سعد في الطبقات الكبرى ٢/ ٣٧٥، وقال ابن حجر في فتح الباري ٧/ ٤٤٨: إسناده صحيح.
(٦) سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم ٤١٦٤ من صحيح البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>