للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجعل أكبر همه الدعوة إلى الله تعالى، ويزهد في الدنيا ولا يجعلها غاية مقصده ومبلغ علمه، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة (١). قال ابن القيم رحمه الله: " وهذه العبارة من أحسن ما قيل في الزهد والورع وأجمعها " (٢).

وقال الإمام أحمد رحمه الله: " الزهد على ثلاثة أوجه، الأول: ترك الحرام وهو زهد العوام، والثاني: ترك الفضول من الحلال وهو زهد الخواص، والثالث: ترك ما يشغل عن الله وهو زهد العارفين " (٣).

وقد تكفَّل الله لمن لا يجعل الدنيا أكبر همه بالسعادة في الدنيا والآخرة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كانت الآخرة هَمّهُ جعل الله كفاه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له» (٤).

ثانيا: من صفات الداعية: الكرم الجود والكرم خلق عظيم ينبغي للداعية إلى الله أن يتصف به، وفي الحديث إشارة إلى اتصاف النبي صلى الله عليه وسلم بالكرم؛ قال القسطلاني رحمه الله على قول عمرو بن الحارث في الحديث: «ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته: درهما ولا دينارا ولا عبدا ولا أمة». . . ": " فيه دلالة على أن من ذكر من رقيق النبي صلى الله عليه وسلم في جميع الأخبار كان إمَّا مات وإمَّا أعتقه " (٥) وقال العيني: " وقد ذكرنا في تاريخنا الكبير أنه كان له عبيد ما ينيف على ستين، وكانت له عشرون أمة، فهذا يدل على أن منهم من مات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من أعتقهم، ولم يبق عبد


(١) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام، ١٠/ ٥١١، ٦١٥ و ٢٠/ ١٤٢، ومدارج السالكين لابن القيم ٢/ ١٠.
(٢) مدارج السالكين لابن القيم، ٢/ ١٠.
(٣) المرجع السابق، ٢/ ١٢.
(٤) أخرجه الترمذي عن أنس رضي الله عنه في كتاب صفة القيامة، باب: حدثنا قتيبة ٤/ ٦٤٢، برقم ٢٤٦٥، وصححه الألباني في صحيح الجامع ٥/ ٣٥١، وسلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ٩٥٠.
(٥) إرشاد الساري ٦/ ٤٩٢، وانظر: عمدة القاري للعيني، ١٤/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>