للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعا، ولكنه يعتني عناية خاصة بأقربائه؛ لأن الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة (١).

سادسا: من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: الإخبار ببقاء مكة دار إسلام: دل الحديثان على معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم تدل على صدق نبوته ورسالته، وهي أن مكة تبقى دار إسلام إلى آخر الدنيا؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «لا هجرة بعد فتح مكة، ولكن أبايعه على الإِسلام». قال الإِمام النووي رحمه الله: " وهذا يتضمن معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها تبقى دار إسلام لا يتصور منها الهجرة ". (٢).

سابعا: من موضوعات الدعوة: البيان ببقاء الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإِسلام: الناظر في قوله صلى الله عليه وسلم في حديث مجاشع بن مسعود رضي الله عنه: «لا هجرة بعد فتح مكة ولكن أبايعه على الإِسلام» يتصور بأن الهجرة قد انقطعت إلى يوم القيامة، ولكن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر بعضها بعضا؛ قال الإِمام النووي رحمه الله: " قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: الهجرة من دار الحرب إلى دار الإِسلام باقية إلى يوم القيامة، وتأوَّلوا هذا الحديث تأويلين:

أحدهما: لا هجرة بعد الفتح من مكة؛ لأنها أصبحت دار إسلام فلا تتصور منها الهجرة.

والثاني: وهو الأصح: أن معناه أن الهجرة الفاضلة المهمة المطلوبة التي يمتاز بها أهلها امتيازا ظاهرا انقطعت بفتح مكة ومضت لأهلها الذين هاجروا قبل فتح مكة؛ لأن الإِسلام قويَ وعز بعد فتح مكة عزا ظاهرا بخلاف ما قبله (٣).

وسمعت العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله يقول: " المقصود لا هجرة من مكة إلى غيرها؛ لأنها أصبحت دار إسلام فلا حاجة إلى الهجرة


(١) انظر: الحديث رقم ٧، الدرس الأول، ورقم ٣٦، الدرس الخامس.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم، ٩/ ١٣٢، و ١٣/ ١١، وانظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح ٦/ ٢٠٤١، وبهجة الناظرين شرح رياض الصالحين، لسليم الهلالي، ١/ ٣٥.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ١٣/ ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>