للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها، وأما الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإِسلام بنية الفرار بدينه فهي باقية إلى يوم القيامة " (١) وقد صحت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تفسر حديث مجاشع وغيره، فعن عبد الله بن واقد السعدي رضي الله عنه قال: وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفدٍ كلنا يطلب حاجته، وكنت آخرهم دخولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إني تركت من خلفي، وهم يزعمون أن الهجرة قد انقطعت، قال: «لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفَّار» (٢) وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه في مبايعته للنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: «أبايعك على أن تعبد الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتناصح المسلمين، وتفارق المشركين» (٣) وعن جرير رضي الله عنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين " قالوا: يا رسول الله، لِمَ؟ قال: " لا تَراءَى نَارَاهمَا» (٤) وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها» (٥).

وهذه الأحاديث تبين أن الهجرة باقية إلى يوم القيامة من بلد المشركين إلى بلد المسلمين، وقد فَصَّل في ذلك أهل العلم، قال ابن حجر رحمه الله: " لا تجب الهجرة من بلد فتحه المسلمون أما قبل فتح البلد فمن به من المسلمين أحد ثلاثة: الأول قادر على الهجرة لا يمكنه إظهار دينه، ولا أداء واجباته، فالهجرة منه واجبة. الثاني: قادر لكنه يمكنه إظهار دينه وأداء واجباته، فمستحبة لتكثير


(١) سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم ٣٠٧٨، و ٣٠٧٩ من صحيح البخاري.
(٢) النسائي، كتاب البيعة، باب ذكر الاختلاف في انقطاع الهجرة، ٧/ ١٤٦، برقم ٤١٧٢، وأحمد في المسند، ١/ ١٩٢، وصححه الألباني في صحيح النسائي ٣/ ٨٧٤، وقال عنه أحمد محمد شاكر في شرحه للمسند وترقيمه ٣/ ١٦٧١، برقم ١٦٧١: " إسناده صحيح ".
(٣) النسائي، كتاب البيعة، باب ذكر الاختلاف في انقطاع الهجرة، ٧/ ١٤٨، برقم ٤١٧٧، وأحمد ٤/ ٣٦٥، والبيهقي في السنن الكبرى، ٩/ ١٣، وصححه الألباني في إرواء الغليل، ٥/ ٣١.
(٤) أبو داود، في كتاب الجهاد، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، ٣/ ٤٥، برقم: ٢٦٤٥، والترمذي، كتاب السير، باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين، ٤/ ١٥٥، برقم ١٦٠٤، وصححه الألباني في إرواء الغليل ٥/ ٢٩.
(٥) أبو داود، كتاب الجهاد، باب في الهجرة هل انقطعت، ٣/ ٣، برقم ٢٤٧٩، وأحمد في المسند، ٤/ ٩٩، والبيهقي في السنن الكبرى، ٩/ ١٧، وصححه الألباني في إرواء الغليل، ٥/ ٢٣، وفي صحيح سنن أبي داود ٢/ ٤٧٠، وفي صحيح الجامع الصغير ٦/ ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>