للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهرة؛ لعلمه بأنها من التوكل، ولم ينكر عليه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ما صنع (١).

ثالثا: من صفات الداعية: النشاط: لا شك أن النشاط يبعث على الهمم العالية؛ ولهذا جاء هذا الرجل إلى ابن مسعود - وهو نشيط- متأهبا لما يوجِّهه عبد الله رضي الله عنه إليه، وقال: " أرأيت رجلا مؤديا نشيطا " فذكر صفة النشاط لهذا الرجل الخارج في سبيل الله عز وجل، وهذا يؤكد على أهمية النشاط وعدم الكسل والخمول، والله المستعان (٢).

رابعا: من صفات الداعية: الحرص على الدعوة والجهاد: ظهر في هذا الحديث أهمية الحرص على الدعوة والجهاد في سبيل الله عز وجل ولهذا الحرص جاء هذا الرجل يسأل بقوله: " أرأيت رجلا مؤديا نشيطا يخرج مع أمرائنا في المغازي " وهذا يدل على نشاط هذا الخارج واستعداده، وحرصه على الجهاد والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

فينبغي للداعية أن يكون حريصا على دعوة الناس إلى الخير (٣).

خامسا: من صفات الداعية: التيسير على المدعوين: دل هذا الحديث على أنه ينبغي لكل من تولىَّ أمرا من أمور المسلمين أن لا يشق عليهم، ولا يشدد عليهم، ولا يأمرهم بما لا يطيقون؛ ولهذا جاء في هذا الحديث: " فيعزم علينا في أشياء لا نحصيها "، والمعنى أن الأمير يشدد علينا في أشياء لا نطيقها؛ قال الإِمام ابن هبيرة رحمه الله: " يستحب لأمراء الجيش أن لا يكثروا العزمات على المجاهدين، فيعرضوهم لبعض المخالفة، بل ليخففوا عنهم ما استطاعوا، وليشاوروهم في الأمور، ويعرِّفوهم مطالع الأحوال التي عليها تبنى وجوه التدبير للحرب " (٤).


(١) انظر: الحديث رقم ٣٠، الدرس الخامس.
(٢) انظر: الحديث رقم ١٤، الدرس الرابع، وحديث رقم ٢٩، الدرس الثالث.
(٣) انظر: الحديث رقم ١، الدرس الأول، ورقم ٣٦، الدرس الرابع.
(٤) الإفصاح عن معاني الصحاح ٢/ ٩٢، وانظر: إرشاد الساري للقسطلاني، ٥/ ١٢٢، وعمدة القاري للعيني ١٤/ ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>