للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم: " كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة ويوم تكسى فيه الكعبة ".

وهذا يدل على حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيمه لبيت الله الحرام، ونسبته التعظيم لله عز وجل بقوله: " هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة " (١) وهذا يؤكد أدبه صلى الله عليه وسلم مع ربه عز وجل.

سابعا: من أصناف المدعوين: المشركون: دل هذا الحديث على أن المشركين من أصناف المدعوين؛ ولهذا غزاهم النبي يوم الفتح، بعد أن قاتلهم في بدر وأحد، وغزوة الأحزاب، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم قد بلَّغهم قبل هذه المعارك والغزوات ما يجب عليهم من إفراد الله عز وجل بالعبادة وحده لا شريك له، ولكنهم أبوا واستكبروا وعتو عتوا كبيرا، فكان آخر الطب الكي (٢).

ثامنا: من موضوعات الدعوة: تعظيم الكعبة وبيت الله الحرام: ظهر في هذا الحديث أهمية إبلاغ الناس بعظم بيت الله العتيق؛ لأن الله عز وجل عظمه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «هذا يوم يعظم الله الكعبة، وتكسى فيه الكعبة»؛ ولعظم حرمة الكعبة قال الله عز وجل: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [القصص: ٥٧] (٣) وقال سبحانه وتعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} [العنكبوت: ٦٧] (٤).

ومن تعظيم الله الكعبة أن طهرها من أوثان الجاهلية، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: «دخل مكة يوم الفتح وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} [الإسراء: ٨١] (٥) {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: ٤٩]» (٦).


(١) انظر: الحديث رقم ١٤، الدرس الأول، ورقم ٢١، الدرس الثاني.
(٢) انظر: الحديث رقم ٩١، الدرس الثامن.
(٣) سورة القصص، الآية ٥٧.
(٤) سورة العنكبوت، الآية ٦٧.
(٥) سورة الإسراء، الآية ٨١.
(٦) متفق عليه: البخاري، كتاب المغازي، باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح ٨/ ٥، برقم ٤٢٨٧ ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب إزالة الأصنام من حول الكعبة ٣/ ١٤٠٨، برقم ١٧٨١والآية ٤٩ من سورة سبأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>