للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخر: يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم:

قَالوا غَزَوْتَ وَرسل اللهِ مَا بعثوا ... لِقتلِ نَفْسٍ ولا جاءوا لسَفْكِ دَم

جَهْل وتَضليل أَحْلامٍ وسَفْسطةَ (١) ... فَتَحتَ بِالسَّيْفِ بعد الفتح بالقلمَ

لمَا أتى لك عفوا كلّ ذي حَسَبِ ... تكفَّلَ السيف بِالجهالِ والَعَمَمِ (٢)

وما أحكم ما قال الآخر:

دعا المصطفى دهرا بمكة لم يجب ... وقد لان منه جانب وخطاب

فلما دعا والسيف صلت بكفه ... له أسلموا واستسلموا وأنابوا (٣)

فالعاقل ذو الفطرة السليمة ينتفع بالبينة والبرهان، ويقبل الحق بدليله، أما الظالم المتبع لهواه فلا يرده إلا السيف، وأنواع القوة والسلاح (٤).

العشرون: من وسائل الدعوة: القدوة الحسنة: ظهر في هذا الحديث أن القدوة الحسنة من وسائل الدعوة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مع عظم مكانته عند الله عز وجل لم يكن يرفع نفسه عن الإِرداف على الدابة؛ قال العلامة العيني رحمه الله: " وكان يردف لتتأسَّى به في ذلك أمته فلا يأنفوا مما لم يكن يأنف منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يستنكف منه مما لم يستنكف " (٥).

فينبغي الاقتداء به صلى الله عليه وسلم (٦).

الحادي والعشرون: إخفاء المنافقين نفاقهم دليل علي قوة المسلمين: دل هذا الحديث على أن المنافقين يختفون بشرهم عند ظهور قوة المسلمين،


(١) يقال: سفسط: غالط وأنى بحكمة مضللة " من اليونانية " انظر: المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية مادة: " سفسط " ١/ ٤٣٣.
(٢) العمم: اسم جمع للعامة من الناس بخلاف الخاصة، انظر: المرجع السابق، مادة. " عم " ٢/ ٦٢٩، والبيت من شعر أحمد شوقي: الشوقيات ١/ ٢٠١.
(٣) انظر: فتاوى سماحة العلامة عبد العزبز بن عبد الله ابن باز ٣/ ١٨٤ و٢٠٤، وقال، هذا الشعر يروى لحسان بن ثابت رضي الله عنه.
(٤) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٨/ ٣٧ و ٢٦٤، وتفسير ابن كثير ٣/ ٤١٦، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي، ٧/ ٣٠١.
(٥) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ١٤/ ٢٤٠.
(٦) انظر: الحديث رقم ٣، الدرس الثالث، ورقم ٨، الدرس الخامس.

<<  <  ج: ص:  >  >>