للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد من الصحابة يوم السقيفة، ولا شك أن الشيعة تنقَّصوا عليا رضي الله عنه من حيث قصدوا تعظيمه " لأنهم نسبوه- مع شجاعته العظمى وصلابته في الدين- إلى المداهنة والتقية والإِعراض عن طلب حقه مع قدرته على ذلك.

ومع ذلك فقد سمع الصحابة جميع ما أوصى به صلى الله عليه وسلم ولم يكن من هذه الوصايا: الوصية لعلي بالخلافة. فَمِمَّا روِيَ في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أوصى بإنفاذ الصدقة بمال كان عند عائشة رضي الله عنها، وإنفاذ جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما، والوصية بأداء الزكاة، والوصية بالحذر من الفتن ولزوم الجماعة والطاعة، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أوصى بكتاب الله تعالى، وأن لا يترك في جزيرة العرب دينان، وأوصى بإجازة الوفد بمثل ما كان يجيزهم ويعطيهم، وأوصى بالصلاة وما ملكت الأيمان، وغير ذلك. ولم يكن من هذه الوصايا ما زعم الشيعة أنه أوصى به (١).

وهذا يبين للداعية أنه ينبغي أن يرد على الفرق الضالة؛ بالأسلوب الحسن، وبالرفق واللين، وبالجدال بالتي هي أحسن، وغير ذلك من الأساليب النافعة.

ثانيا: قبول شهادة النفي من الداعية العالم: ينبغي للمدعوين أن يثقوا بالدعاة العلماء ويقبلوا أقوالهم بأدلتها الصحيحة العقلية والنقلية؛ ولهذا قال الإمام الأبي رحمه الله، عن حديث عائشة رضي الله عنها " فيه أن الشهادة على النفي من العالم مقبولة "، وبهذا المعنى صار قولها حديثا، فكأنه بمنزلة قوله: " لا أوصي بشيء " (٢).

ولا شك أن قبول أقوال الدعاة المخلصين الصادقين بأدلتها لمن يحتاج إلى ذلك مما ينتفع به المدعوون ويستفيدون منه، فعلى المدعو أن يتقي الله عز وجل وأن يقبل الدعوة بأدلتها من الكتاب والسنة، وأن يصدق الدعاة العلماء فيما ينفونه عن الدين والعقيدة، ولا مانع من سؤال الدعاة عن الأدلة والتثبت من أقوالهم من باب العلم والفائدة.


(١) انظر: إكمال إكمال المعلم بشرح صحيح الإمام مسلم لمحمد بن خليفة الأبي ٥/ ٦٢٢، وفتح الباري لابن حجر، ٥/ ٣٦١ - ٣٦٣، وعمدة القاري للعيني، ١٤/ ٣٢.
(٢) إكمال إكمال المعلم شرح صحيح الإمام مسلم للأبي ٥/ ٦٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>