للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأبواب الشرك وقطعا لوسائله؛ ولهذا قال: «لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت» قوله: "أو قلادة" قيل: للتنويع (١) وقيل: للشك (٢) ووقع في رواية أبي داود: «لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر ولا قلادة إلا قطعت» (٣) فدل ذلك على أنه من عطف العام على الخاص (٤) وقد اختلف أهل العلم في المقصود بالأوتار: فقيل: إنهم كانوا يقلدون الإبل أوتار القسي؛ لئلا تصيبها العين، الواحد منه "وتر القوس" (٥) فأمروا بقطعها إعلاما بأن الأوتار لا ترد من أمر الله شيئا. وقيل: نهاهم عن ذلك لئلا تختنق الدابة بها عند الركض أو عند الرعي في الأشجار. وقيل: نهاهم عن ذلك، لأنهم كانوا يعلقون فيها الأجراس؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس» (٦)؛ ولحديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الآخر: «الجرس مزامير الشيطان» (٧) وقيل: إن الأوتار في هذا الحديث بمعنى طلب الدم والثأر، أي: لا تطلبوا بها ذحول الجاهلية (٨) وأنكر الإمام القرطبي وغيره هذا القول الرابع فقال: "يعني بالوتر: وتر القوس ولا معنى لقول من قال: إنه يعني بذلك: الوتر الذي هو الذحل: وهو طلب الثأر؛ لبعده لفظا ومعنى" (٩) قلت: والصواب ما قاله الإمام مالك رحمه الله أنهم كانوا يقلدون الإبل أوتار القسي؛ لئلا تصيبها العين، وسمعت العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله يقول: "والصواب أن ذلك النهي في باب الاعتقاد، وخشية العين،


(١) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي ٥/ ٤٣٦، وفتح الباري، لابن حجر، ٦/ ٣٤١.
(٢) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي ٥/ ٤٣٦، وشرح النووي على صحيح مسلم ١٤/ ٣٤١.
(٣) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في تقليد الخيل بالأوتار، ٣/ ٢٤، برقم ٢٥٥٢.
(٤) انظر: فتح الباري، لابن حجر، ٦/ ١٤١.
(٥) انظر: موطأ الإمام مالك، ٢/ ٩٣٧، وصحيح مسلم برقم ٢١١٥.
(٦) صحيح مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب كراهية الكلب والجرس في السفر، ٣/ ١٦٧٢، برقم ٢١١٣.
(٧) المرجع السابق في الكتاب والباب المشار إليهما، ٣/ ١٦٧٢ برقم ٢١١٤.
(٨) انظر: أعلام الحديث للخطابي ٢/ ١٤٢٥، والاستذكار لابن عبد البر، ٢٦/ ٣٦٢ - ٣٦٥، وتفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص ١٢٥، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، ٤/ ٩٩، وشرح النووي على صحيح مسلم، ١/ ٣٤١، وفتح الباري لابن حجر، ٦/ ١٤١، وعمدة القاري للعيني ١٤/ ٢٥٢، وشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك ٤/ ٤٠٥.
(٩) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٥/ ٤٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>