للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العصاة بالقول، والفعل عند الحاجة إلى ذلك؛ ولهذا قال عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في شأن حاطب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «يا رسول الله قد خان الله ورسوله والمؤمنين دعني فلأضرب عنقه» فأقره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على توبيخه وتأديبه لحاطب بهذا القول القوي، ولم يوافقه على قتله؛ قال الإمام الْأُبِّيّ رحمه الله: "وفيه الشدة على أهل المعاصي بالقول والفعل، وبالسب تأديبا لهم" (١).

الحادي عشر: أهمية صدق المدعو: إن الصدق يهدي إلى البر، ولا يأتي إلا بخير، فإذا صدق العبد دل ذلك على إيمانه ونجاه الله بالصدق، وقد دل هذا الحديث على أهمية صدق المدعو وأن نجاته بذلك؛ ولهذا أنجى الله حاطبًا؛ ولأنه من أهل بدر. قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يا حاطب ما حملك على ما صنعت؟ " قل يا رسول الله ما بي أن لا أكون مؤمنًا بالله ورسوله ولكني أردت أن يكون لي عند القوم يدًا يدفع الله بها عن أهلي ومالي» وفي الرواية الأخرى: «وما فعلت كفرًا ولا ارتدادًا ولا رضا بالكفر بعد الإسلام" فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقد صدقكم»؛ قال الإمام ابن هبيرة رحمه الله: "وفيه أن المؤمن إذا أخطأ واستبان له الخطأ أن لا يتبع خطأه بأن يجحده ويناكر عليه بل يعترف بذلك ولا يجمع بين معصيتين: في الخطأ، والجحد، كما أنه يتعين على كل مخطئ إذا تيقن خطأه في شيء أن يقلع عنه حالة تيقنه ذلك، فإن الله يغفر له خطأه إذا رجع إلى الصواب، إن شاء الله تعالى" (٢).

فينبغي لكل مسلم أن يقول الحق ولو على نفسه إلا فيما شرع الله الستر فيه مع التوبة ورد المظالم لأهله (٣).

الثاني عشر: أهمية قول الداعية لما لا يعلمه: الله أعلم: دل هذا الحديث على أنه ينبغي للداعية إذا لم يعلم شيئًا مما حصل النقاش أو الحوار فيه والأسئلة أن يقول: الله أعلم؛ ولهذا قال عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عندما عفا


(١) إكمال إكمال المعلم للأبي، ٨/ ٤١٥.
(٢) الإفصاح عن معاني الصحاح، ١/ ٢١١، وانظر: ١/ ٢٥٠.
(٣) انظر: الحديث رقم ٩، الدرس الرابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>