للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن حاطب ولم يوافقه على قتله: "الله ورسوله أعلم" وانتهى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن المراجعة واغرورقت عيناه رَضِيَ اللَّهُ عَنْه (١).

الثالث عشر: من أساليب الدعوة: الترغيب: إن في هذا الحديث الدلالة على أن من أساليب الدعوة الترغيب؛ ولذلك قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في قصة حاطب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إنه قد شهد بدرًا وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» وفي لفظ: "أوليس من أهل بدر؟ وما يدريك لعل الله اطلع عليهم فقال: اعملوا ما شئتم فقد أوجبت لكم الجنة" قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قال العلماء إن الترجي في كلام الله وكلام رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للوقوع" (٢) وقال رحمه الله: "واتفقوا على أن البشارة المذكورة فيما يتعلق بأحكام الآخرة، لا بأحكام الدنيا من إقامة الحدود وغيرها" (٣).

وقال الإمام القرطبي رحمه الله: "إن الله تعالى أظهر صدق رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعيان في كل من أخبر عنه بشيء من ذلك؛ فإنهم لم يزالوا على أعمال أهل الجنة من أمور الدين ومراعاة أحواله والتمسك بأعمال البر والخير إلى أن توفوا على ذلك، ومن وقع منهم في معصية أو مخالفة لجأ إلى التوبة ولازمها حتى لقي الله تعالى عليها، يعلم ذلك قطعًا من أحوالهم من طالع سيرهم وأخبارهم" (٤).

وهذا يبين أهمية ترغيب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل خير وأنه واقع لا محال (٥).

الرابع عشر: من صفات الداعية: العفو والصفح: لا ريب أن العفو والصفح من الأخلاق الكريمة التي ينبغي لكل مسلم أن يتخلق بها، ولكن لا بد أن يكون العفو في محله، ولا يحصل به مفسدة، ولا يفوت


(١) انظر: الحديث رقم ٨، الدرس الثامن عشر، ورقم ٥٨، الدرس الحادي عشر.
(٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٧/ ٣٠٥، ٨/ ٦٣٥.
(٣) المرجع السابق ٥/ ٣٥٦، وانظر: شرح النووي على صحيح مسلم ١٦/ ٢٨٩.
(٤) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٦/ ٤٤٢، وانظر: فتح الباري لابن حجر، ٨/ ٦٣٥.
(٥) انظر: الحديث رقم ٧، الدرس الرابع عشر، ورقم ٨، الدرس الرابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>