للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (١).

وولي أمر المسلمين ينفع الله به في ذلك نفعًا عظيمًا؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتم إلا بالعقوبات الشرعية؛ فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، في إقامة الحدود وغيرها، وفي التعزير وهو أنواع: منه ما يكون بالتوبيخ والزجر بالكلام، ومنه ما يكون بالحبس، ومنه ما يكون بالنفي عن الوطن، ومنه ما يكون بالضرب، واختلف العلماء في أكثر التعزير، فقيل عشر جلدات، وقيل: أكثره دون أقل الحدود، وقيل: لا حد لأكثره لكن إذا كان التعزير فيما فيه مقدر لم يبلغ به ذلك المقدر. قال ابن تيمية رحمه الله: "وهذا القول أعدل الأقوال وعليه دلت سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسنة خلفائه الراشدين (٢) ومن لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل قتل. وهذا كله من وظائف الإمام الأعظم للمسلمين (٣) ولا بد للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من أمور ثلاثة: العلم، والرفق، والصبر: العلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعد (٤).

فينبغي للداعية أن يكون أمره بالمعروف معروفا ونهيه عن المنكر غير منكر (٥) قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "إنكار المنكر أربع درجات: الأولى أن يزول ويخلفه ضده، والثانية أن يقل وإن لم يزل بجملته، الثالثة أن يخلفه ما هو مثله، الرابعة أن يخلفه ما هو شر منه، فالدرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد والرابعة محرمة" (٦).

فينبغي للداعية أن يراعي هذه القواعد الدعوية حتى ينفع الله بأمره ونهيه والله المستعان.

رابعًا: من وسائل الدعوة الجهاد في سبيل الله عَزَّ وجَلَّ: إن من الوسائل النافعة في الدعوة إلى الله ودخول الناس في الإسلام: الجهاد


(١) صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان، ١/ ١٩، برقم ٤٩.
(٢) الحسبة في الإسلام ص ٣٠، وانظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٨/ ١٠٧، ١٢٦، ١٣٤.
(٣) انظر: الحسبة في الإسلام لابن تيمية، ص ٣١.
(٤) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٢٨/ ١٣٧.
(٥) انظر: المرجع السابق ٢٨/ ١٢٦.
(٦) أعلام الموقعين عن رب العالمين، ٣/ ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>