للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينبغي العناية بالسؤال عن كل ما يشكل، حتى يحصل العلم والبصيرة. (١).

ثانيًا: من صفات الداعية: الحرص على الدقة في نقل الحديث: لا شك أن الحرص على الدقة في نقل الحديث من صفات أهل العقول السليمة؛ لأنهم يخشون الوقوع في الكذب على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ولهذا الحرص جاء في هذا الحديث: «مر بي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأبواء أو بودان» فقد شك الراوي هل قال الصعب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بالأبواء، أو قال: بودان. قال العلامة العيني رحمه الله: "شك من الراوي" (٢).

وهذا يبين أهمية الحرص على الدقة والتثبت في نقل الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (٣).

ثالثًا: من القواعد الدعوية: عمل الداعية بالعام حتى يرد الخاص: دل هذا الحديث على أنه إذا ثبت الدليل في العمل بأمر عام فإنه يعمل بالعام حتى يثبت الخاص؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فوائد هذا الحديث: "وفي هذا الحديث دليل على جواز العمل بالعام حتى يرد الخاص؛ لأن الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تمسكوا بالعمومات الدالة على قتل أهل الشرك، ثم نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن قتل النساء والصبيان فخص ذلك العموم، ويحتمل أن يستدل به على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة" (٤)؛ ولهذا ثبت عن عبد الله ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقتولة فأنكر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتل النساء والصبيان» (٥) قال النووي رحمه الله: "أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث، وتحريم قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا، فإن


(١) انظر: حديث رقم ١٩، الدرس الرابع، ورقم ٣٠، الدرس الرابع أيضا.
(٢) عمدة القاري، ١٤/ ٢٦٠.
(٣) انظر: الحديث رقم ٢١، الدرس العاشر.
(٤) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ١٤٨.
(٥) البخاري، برقم ٣٠١٤، ومسلم برقم ١٧٤٤، ويأتي تخريجه كاملا في الحديث الذي بعد هذا الحديث برقم ١١٩ - [٣٠١٤]، وانظر: رواياته وألفاظها في تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للحافظ المزي ٣/ ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>