للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاتلوا، قال جماهير العلماء: يقتلون" (١) أما إذا اختلط النساء والأطفال أو الصبيان بأهل الشرك فلم يميز المسلمون بينهم فلا حرج في قتلهم معهم؛ قال الإمام الخطابي رحمه الله في ذكره لفوائد حديث الصعب بن جثامة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "وفيه بيان أن قتلهم في البيات وفي الحروب إذا لم يتميزوا وإذا لم يتوصل إلى الكبار إلا بالإتيان عليهم جائز، وأن النهي عن قتلهم منصرف إلى حال التميز والتفرق" (٢).

رابعًا: من وسائل الدعوة: الجهاد في سبيل الله عَزَّ وجَلَّ: إن من وسائل الدعوة العظيمة: الجهاد في سبيل الله عَزَّ وجَلَّ؛ ولهذا بذل الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم الجهود البارزة في جهاد أعداء الإسلام، وقد ظهر ذلك في هذا الحديث؛ ولهذا سأل بعضهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عن أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم، قال: "هم منهم" (٣).

خامسًا: من موضوعات الدعوة: الحض على إبطال عادات الجاهلية: لا ريب أن حض الناس على إبطال عادات الجاهلية من أهم الموضوعات التي ينبغي للداعية أن يعتني بها عناية حكيمة مسددة؛ ولهذا قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الحديث؛ «لا حمى إلا لله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قال الإمام الخطابي رحمه الله: "وفيه إبطال ما كان أهل الجاهلية يفعلونه من ذلك، وكان الرجل العزيز منهم إذا [نزل] بلدًا مخصبا أوفى بكلب على جبل ووقف من يسمع منتهى صوته بالعواء، فحيث انتهى صوته حماه من كل ناحية لنفسه ومنع الناس منه" (٤) وهو شريك قومه في سائر ما يرعون فنهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك وأضاف الحمى إلى الله ورسوله، وأبطل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا الظلم الذي هو من عادات الجاهلية قال الله عَزَّ وجَلَّ لنبيه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ - إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: ١٨ - ١٩] (٥).


(١) شرح النووي على صحيح مسلم، ١٢/ ٢٩٢.
(٢) معالم السنن، ٤/ ١٤ - ١٥.
(٣) انظر: الحديث رقم ١٨، الدرس الثالث.
(٤) معالم السنن ٤/ ٢٧٠.
(٥) سورة الجاثية، الآيتان: ١٨ - ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>