للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الداخل، وعصب رجله عندما انكسرت، وغير ذلك، وهذا يؤكد أهمية الأخذ بالأسباب مع اعتماد القلب على الله وحده سبحانه وتعالى (١).

سابعًا: أهمية الحرص على الأخذ باليقين في الأمور كلها: إن طرح الشك والأخذ باليقين من أهم القواعد الدعوية التي ينبغي للداعية أن يعمل بها في كل شيء من أمور حياته؛ ولهذه الأهمية عمل عبد الله بن عتيك في هذا الحديث بهذه القاعدة، فعندما ضرب أبا رافع بالسيف شك هل قتله أم لا، فرجع وغير صوته وقال: ما هذا الصوت يا أبا رافع فتأكد أنه لم يمت فوضع ظبة السيف في بطنه حتى سمع صوت العظم، وهذا يدل على رغبة عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في اليقين؛ ولهذا أراد أن يزداد يقينه فقال لأصحابه: ما أنا ببارح حتى أسمع الناعية، فبقي حتى صاح الديك فقام الناعي على السور فقال: أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز، فعندما تيقن رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رجع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا يؤكد أهمية العمل باليقين وطرح الشك (٢).

ثامنًا: من صفات الداعية: إثبات النعم لله والثناء عليه بها: لا شك أن من الأدب إثبات النعم لله ونسبتها إليه، والثناء عليه بها؛ لأنه سبحانه الذي أعطى النعم؛ ولهذا قال الله عَزَّ وجَلَّ: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: ٥٣] (٣).

وقد ظهرت تلك الصفة في قول عبد الله بن عتيك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "فانطلقت إلى أصحابي فقلت: النجاء فقد قتل الله أبا رافع " وهذا يدل على صدقه وإخلاصه لله، وأدبه الكامل؛ لأنه لم يقل: قتلت وإنما قال: قتل الله، فنسب هذه النعمة لله عَزَّ وجَلَّ.

فينبغي للداعية أن ينسب جميع النعم لله ويثني عليه بها (٤).


(١) انظر: الحديث رقم ٣٠، الدرس الخامس.
(٢) انظر: الحديث رقم ٢٨، الدرس الرابع.
(٣) سورة النحل، الآية ٥٣.
(٤) انظر: الحديث رقم ٤٦، الدرس السادس عشر، ورقم ١٠٦، الدرس الخامس.

<<  <  ج: ص:  >  >>