للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة - رضي الله عنهم - على مجاهدة الأعداء وعدم النزول على عهد الكفار حتى قتلوا، وخبيب وابن الدثنة وعبد الله بن طارق صبروا على أسر الأعداء وتعذيبهم وقتلهم صبرا؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فوائد هذا الحديث: " وفيه أن الله يبتلي عبده المسلم بما شاء كما سبق في علمه ليثيبه، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: ١١٢] (١).

وسمعت العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله يقول: " وهذه قدرة الله تعالى؛ ليكون المؤمنون قدوة لغيرهم " (٢) وهذا كله يؤكد أهمية الصبر على الابتلاء واحتساب الثواب عند الله - عز وجل، والله المستعان (٣).

سابعا: من وسائل الدعوة: إغاظة الأعداء بالامتداح بالشعر وغيره وإظهار القوة: دل هذا الحديث على أهمية إغاظة أعداء الإِسلام بالامتداح بالشعر وغيره مما يغيظهم، وإظهار القوة والشجاعة أمامهم؛ ولهذا قال خبيب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

ولست أبالي حين أقتل مسلما ... على أيِّ شق كان لله مصرعي

وذلك في ذات الإِله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع

وهذا فيه إظهار القوة والشجاعة والرغبة فيما عند الله - عز وجل - أمام أعداء الإِسلام؛ قال العلامة العيني رحمه الله: " وفيه الامتداح بالشعر حين ينزل بالمرء هوان في دينٍ، أو ذلة القتل، يرغم بذلك أنف عدوِّه، ويجدِّد في نفسه صبرا وأنفة " (٤).

فينبغي إظهار القوة والنشاط، وعدم المبالاة بالأعداء؛ ليكون ذلك من أسباب إذلال الأعداء وإدخال الرعب في قلوبهم. (٥).

ثامنا: من أساليب الدعوة: تخويف الأعداء بالدعاء عليهم بالتعميم عند الحاجة: ظهر في الحديث أن من أساليب الدعوة الدعاء على المشركين بالتعميم عند إعراضهم وعنادهم واستكبارهم ومحادتهم لله ورسوله، تخويفا لهم،


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٧/ ٣٨٥، والآية ١١٢ من سورة الأنعام.
(٢) سمعت ذلك من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم ٤٠٨٦ من صحيح البخاري.
(٣) انظر: الحديث رقم ٩، الدرس الثامن، ورقم ٦٦، الدرس الأول.
(٤) عمدة القاري، شرح صحيح البخاري، ١٤/ ٢٩٤.
(٥) انظر: الحديث رقم ١٠٣، الدرس الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>