للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل» (١) ولا شك أن أحكام الدنيا على الأبدان والأرواح تبع لها، وأحكام البرزخ على الأرواح والأبدان تبع لها، فإذا كان يوم القيامة كان الحكم والنعيم أو العذاب على الأرواح والأجساد جميعا (٢).

وعذاب القبر هو عذاب البرزخ، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه، قبر أو لم يقبر، أو أكلته السباع، أو أحرق حتى صار رمادا أو نسف في الهواء؛ فإنه يصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل القبور (٣).

وأحاديث عذاب القبر ونعيمه وسؤال الملكين تبلغ حد التواتر؛ فقد بلغت الأحاديث في ذلك سبعين حديثا (٤).

ومما يجير من عذاب القبر معرفة الأسباب التي يعذب بها أصحاب القبور والابتعاد عنها، والأسباب المنجية من عذاب القبر والعمل بها.

أما أسباب عذاب القبر فمنها: الجهل بالله، وإضاعة أوامره، وارتكاب معاصيه، والنميمة، وترك الاستبراء من البول، والكذب الذي يبلغ الآفاق، وترك العمل بالقرآن والنوم عنه بالليل، والزنا، وأكل الربا، والتثاقل عن الصلاة المفروضة، وترك الزكاة المفروضة، وأكل لحوم الناس بالغيبة والوقوع في أعراضهم، وغير ذلك من أسباب عذاب القبر التي ينبغي للداعية تحذير الناس منها.

وأما أسباب النجاة من عذاب القبر فكثيرة، منها: تجنب الأسباب التي تسبب عذاب القبر، ومن أنفع أسباب النجاة أن يجلس المسلم عندما يريد النوم فيحاسب نفسه فيما خسره وربحه في يومه، ثم يجدد له توبة نصوحا فينام على تلك التوبة " ومن أسباب النجاة من عذاب القبر: الموت مرابطا في سبيل الله، والشهادة في


(١) مسلم، برقم ١٨٨٧، وتقدم تخريجه في الحديث رقم ٧٣، آخر الدرس الثامن، ص ٤٥٠.
(٢) انظر: الروح لابن القيم، ١/ ٢٦٣، ٣١١.
(٣) انظر: المرجع السابق ١/ ٢٩٩، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز، ص ٤٥٢.
(٤) انظر: الروح لابن القيم، ١/ ١٦٥، وجامع الأصول من أحاديث الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، لابن الأثير، ١١/ ١٦٤، من حديث رقم ٨٦٩٠ - ٨٧٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>