للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: ١١٩] (١).

رابعا: قرب المدعو من أهل الفضل لا ينفع إلا بالعمل الصالح: لا ريب أن المدعو إذا كان قريب النسب أو الجوار لأهل الفضل لا ينفعه ذلك إلا بالعمل؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في ندائه لبطون قريش: " لا أغني عنكم من الله شيئا "، وقال لفاطمة بنته: " لا أغني عنك من الله شيئا "، قال الإمام الحافظ ابن العربي رحمه الله في الكلام على هذه الجملة: " هذا كلام بديع، فهذا نوح عليه السلام لما كفر ابنه لم تنفعه بنوته، وهذا إبراهيم صلى الله عليه وسلم لما كفر أبوه لم تنفعه أبوته، كذلك أبو طالب لم تنفعه عمومته للنبي صلى الله عليه وسلم ولم تنجه من العذاب، وفي هذا بيان أن العصمة بالعمل الصالح لا بالقرابة، قال صلى الله عليه وسلم: ". . . «ومن بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه» (٢) وكذلك الصلة بسبب النكاح لا تنفع إلا بالإيمان، وقد بين الله ذلك سبحانه في قوله: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} [التحريم: ١٠] (٣) وفي قوله: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} [التحريم: ١١] (٤) فلم تنتفع زوجتا نوح ولوط بإيمان زوجيهما، ولم يضر امرأة فرعون كفر زوجها فرعون " (٥).

فينبغي أن يعْلَم أن رؤية أهل الفضل أو القرب من العلماء والصالحين ومخاطبتهم لا تنفع إلا إذا وقع الاقتداء بهم، وكلما قوي الاقتداء والعمل الصالح قوي القرب والانتفاع بإذن الله تعالى (٦).

خامسا: أهمية ربط المدعوين بخالقهم: ينبغي للداعية أن يبين للناس أنهم بحاجة إلى ربهم في جميع أمورهم، وأنهم ملك لله تعالى، وهم فقراء إليه؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: " اشتروا أنفسكم من الله "، قال


(١) سورة التوبة، الآية: ١١٩.
(٢) أخرجه مسلم، في كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن ٤/ ٢٠٧٤، برقم ٢٦٩٩.
(٣) سورة التحريم، الآية: ١٠.
(٤) سورة التحريم، الآية: ١١.
(٥) عارضة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، للحافظ ابن العربي ٦/ ٢٧٢.
(٦) انظر: بهجة النفوس لابن أبي جمرة ٣/ ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>