للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسا: أهمية الشورى مع العلماء والدعاة: إن الشورى من أهم الأمور التي ينبغي أن يعتني بها الداعية إلى الله - عز وجل، لما فيها من اجتماع الكلمة، وسداد الرأي، والاستفادة من الخبرات والتجارب، وقد ظهرت الشورى في هذا الحديث؛ لقول جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة فجاؤُوا إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: " أنا نازل " فأخذ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - المعول، فضرب فعاد كثيبا أهيل»، فقد استفاد الصحابة بهذه الشورى مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فأزيلت الكدية بعمل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. وفي هذا الحديث أيضا أن جابر بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما - شاور زوجته في شأن إطعام الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فقال: «رأيت بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - شيئا ما كان في ذلك صبر فعندك شيء؟ قالت: عندي شعير وعناق». وهذا يؤكد أهمية الشورى وخاصة مع العلماء والدعاة، والأخيار الصالحين (١).

سادسا: أهمية الصبر على الابتلاء والامتحان: دل هذا الحديث على أهمية الصبر على الابتلاء والامتحان؛ ولهذا صبر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - على الجوع والخوف أيام الخندق، كما في الحديث أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - قام وبطنه معصوب بحجر، وقد لبث أصحاب الخندق مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ثلاثة أيام لا يذوقون ذواقا؛ ولحكمة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - عصب الحجر على بطنه؛ لأن الجوع يخشى منه أن يضمر البطن فينحني الصلب، فإذا وضع الحجر على البطن وَشُدَّ بالعصابة استقام الظهر، وقيل: لعل ذلك لتسكين حرارة الجوع ببرد الحجر؛ ولأنها حجارة رقاق قدر البطن تشد الأمعاء فلا يتحلل شيء مما في البطن، فلا يحصل ضعف زائد بسبب التحلل. (٢).

وهذا يؤكد ما أصاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وأصحابه - رضي الله عنهم - من شدة الحال، وقلة ما في اليد، فصبروا وصابروا والله المستعان (٣).


(١) انظر: الحديث رقم ٦٤، الدرس الثالث، ورقم ١٠٨، الدرس الرابع عشر.
(٢) انظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري، ١٦/ ٣٠، وفتح الباري لابن حجر، ٧/ ٣٩٦.
(٣) انظر: الحديث رقم ٩، الدرس الثامن، ورقم ٦٦، الدرس الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>