للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب بدفنه في بيتها جوار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وسألها عمر ذلك فلم تكره له السؤال، ولا لها البذل، وعلى هذا فإذا سأل الرجل غيره أن يؤثره بمقامه في الصف الأول لم يكره له السؤال، ولا لذلك البذل، ونظائره، ومن تأمل سيرة الصحابة وجدهم غير كارهين لذلك ولا ممتنعين منه، وهل هذا إلا كرم وسخاءٌ، وإيثارٌ على النفس بما هو أعظم محبوباتها، تفريجا لأخيه المسلم، وتعظيما لقدره، وترغيبا له في الخير؟ وقد يكون ثواب كل واحدٍ من هذه الخصال راجحا على ثواب تلك القربة، فيكون المؤثر بها ممن تاجر فبذل قربة وأخذ أضعافها " (١).

وسمعت سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله يرجح جواز الإِيثار بالقرب وأنه لا حرج في ذلك إذا ظهرت المصلحة (٢).

وهذا كله وغيره كثير يدل على أهمية الإِيثار وأنه ينبغي للداعية إلى الله - عز وجل - أن يعتني به، ويحض الناس عليه، والله المستعان.

ثالثا: من صفات الداعية: التواضع: دل هذا الحديث على أن صفة التواضع من الصفات الحميدة؛ ولهذا تواضع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فشارك أصحابه في حفر الخندق، فقال لهم: " أنا نازل " ثم قام وبطنه معصوب بحجر وشاركهم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - في الحفر.

وهذا يؤكد تواضعه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وطيب عقله ونفسه (٣).

رابعا: من صفات الداعية: إعانة المدعوين ومساعدتهم: ظهر في هذا الحديث أن من صفات الداعية الصادق إعانة المدعوين ومشاركتهم في الأعمال التي تخدم الجهاد والدعوة؛ ولهذا شارك النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - الصحابة - رضي الله عنهم - في حفر الخندق. فينبغي الاقتداء به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم (٤).


(١) زاد المعاد في هدي خير العباد، ٣/ ٥٠٥.
(٢) سمعت ذلك من سماحته أثناء شرحه لزاد المعاد، في جامع الأميرة سارة، بمدينة الرياض، حي البديعة، ليلة الاثنين ١٦/ ٧ / ١٤١٨ هـ.
(٣) انظر: الحديث رقم ٦٢، الدرس الثالث.
(٤) انظر: الحديث رقم ٤٥، ٤٦، الدرس الثالث عشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>